عشت فترة من الزمن في الغرب، وزرت بلداناً كثيرة في تجوال عملي وسياحة، تعاملت مع شعوب وقبائل، تعرفت على همومهم وسبل العيش لديهم ومطالبهم وشغفهم برغد العيش لهم ولأسرهم، فكانت أهم نقطة تلتقي فيها هذه الشعوب (إيجاد وتأمين السكن).
حين كنا صغاراً كان الوالد (رحمه الله) يجاهد من أجل أن يبني لنا منزلاً يؤوينا ونكون في مأمن من الآخر والأقارب ويكون مستقراً لنا في مستقبلنا.
إذاً هو السكن المطلب الأول والأساسي لحياة رغيدة آمنة.
هو السكن من يؤرق عقول العشرات بل المئات والملايين من البشر.
وبعد تأمين السكن تنطلق الحياة في الأفكار والمشاريع والاستثمارات ولا مانع من المخاطرات..!!
مُنذ إطلاق رؤية ٢٠٣٠ التي تبناها وأطلقها ورعاها سمو الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- راعت هذه الرؤية والإستراتيجيات التي فيها والأهداف المرسومة والبرامج والمبادرات التي تضمَّنتها أن يكون للوطن والمواطن أولوية في العيش الرغيد وتطوير المناطق واستغلال الموارد الموجودة على هذه الأرض أفضل استغلال ومن أهم الموارد العنصر البشري والأراضي الشاسعة، فهنا تلتقي الدائرتان لتكوّنا منظومة متكاملة ترتقي بالمواطن والوطن في آن واحد في عملية تطوير المناطق وأن يكون الفرد في وضعية يتفرغ فيها للإبداع والإنتاج وأن يشارك في العملية التنموية وصناعة المستقبل والتي هي في النهاية تعاضد المواطن والدولة لتحقيق النجاح في شراكة إستراتيجية مترابطة.
السكن والإسكان هما من هموم الحكومة والمواطن بنفس الوقت، فكيف المخرج وكيف نجعل من المواطن مرتاح البال مستقراً مطمئناً على مستقبل أبنائه.
هنا كان السؤال الكبير.. تأسست الشركة الخاصة بالإسكان ودُعمت بمبالغ مالية طائلة وتسهيلات.. مرت سنوات ونحن في المربع الأول.. وتوالت بعدها الإنجازات والأفكار وزادت الطموحات والآمال ولم تتوقف أو تنهرْ بل تم تأسيس شركات وتدخلت الدولة بقوة فحلَّت أزمة الانتظار في الصندوق العقاري وتقلصت الأرقام الى أن أضحت صفراً.. واصلنا الإنجاز وتأسست الشركة الوطنية للإسكان والتي أبدع فيها القائمون على زيادة حجم المعروض العقاري في المملكة وتملك الأفراد لمساكنهم.. أبرمت الشركة العقود من العشرات من المطورين العقاريين وضخت مشاريع ليس فقط للسكن بل بطريقة تطوير الحي بكامله، فرأينا ضواحي بأكملها كما كنا نراها في الغرب مكتملة الخدمات والحدائق وأكثر من مائة وعشرين مشروعاً تتجاوز الـ ١٢٠ ألف وحدة سكنية وحراك عقاري لم نشهده من قبل بمبالغ تفوق الـ٧٥ ملياراً.
فهنيئاً لنا بهذا الإنجاز وهذه الرؤية والتي تنص على تحقيق الـ٧٠٪ وهو رقم تملُّك السعوديين للمساكن وربما نحقق هذا الرقم قبل ٢٠٣٠.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
