Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سلطان عبدالعزيز العنقري

الإعلام يخدم المصالح.. التي توجه السياسات

A A
العلم الذي لا يوجد له «نظريات» هو «الإعلام»، فهو مستند على نظريات علم النفس في «التواصل»، فالحرب النفسية، على سبيل المثال، تعتمد على نظريات علم النفس في توصيل المعلومات، وبث الدعايات، ونشر الشائعات، وخلق البلبة، وإثارة الرعب في نفوس المتلقين لها، وتحطيم الروح المعنوية، ولذلك نجد أن الدول المتقدمة وغيرها، في هذه الألفية، تستخدم «الإعلام الجديد»، أو ما يسمى «بوسائل التواصل الاجتماعي»، كأخطر وسيلة للضغط على الدول من أجل تحقيق مصالحها. فالإعلام في أي بلد في العالم، يفترض أن يخدم مصالح البلد التي توجه سياساته، وهو محور مقالنا لهذا الأسبوع.

فمن يدعي بأن هناك إعلاماً «حراً»، فهو «واهم» ، ومهما كان البلد ديموقراطياً أو اشتراكياً أوغيره فإن الإعلام فيه موجه، ويجب أن يكون «موجهاً» لخدمة مصالح البلد العليا.

فالإعلام يطلق عليه «السلطة الرابعة» لأنه رابع سلطة بعد السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. الإعلام كسلطة يراقب أداء السلطات الثلاث ويحاول تقويم المعوج فيها.

في «البعض» من بلدان عالمنا العربي، الإعلام التقليدي لا يخدم مصالح مجتمعاته العليا، وعلى وجه الخصوص «البعض» من القنوات الإعلامية غير الرسمية، والتي يملكها القطاع الخاص، والتي تهدف فقط إلى «الربح»، ولا تعنيها مصالح مجتمعاتها العليا.

مصالح المجتمعات العليا لا يمكن أن يخدمها إعلام حر منفلت، لا ضابط له، والذي قد يفسد مصالح المجتمع العليا، ولو نظرنا للدول الخمس الكبرى (أمريكا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا)، والتي تتحكم في مجلس الأمن، وإيران، لوجدنا أن قنواتها تسبح في فضائنا العربي، وبلغتنا العربية، والذين يعملون فيها هم من رعايا الدول العربية في معظمها، وفي المقابل لا توجد قنوات إعلامية عربية ناطقة بلغات أعضاء مجلس الأمن الخمسة؟!.

والسؤال الذي يطرح نفسه، أليس إعلام الدول الكبرى إعلاماً موجهاً؟!، الإعلام الحقيقي هو الإعلام الموجه لخدمة مصالح أي مجتمع في العالم، ومتى ما قام الإعلام بخدمة مصالح أي بلد فإن المصالح هي التي ترسم بل توجه سياسات البلد مع أي بلد آخر.

الإعلام السياسي الناجح يجب أن يستند على خدمة المصالح التي توجه سياساته وإلا يصبح إعلاماً فاشلاً. الإعلام السياسي انتهى دوره والإعلام الحقيقي هو إعلام المصالح.

الدول العظمى الخمس لا تضع قنوات فضائية، وتدفع عليها الأموال الطائلة، من أجل «سواد عيون العرب» بل من أجل مصالحها. هذه الحقيقة التي لم يستوعبها الراسمون والمخططون للسياسات الإعلامية في مجتمعاتنا العربية. الإعلام الموجه المنضبط والقوي والذي يخدم مصالح المجتمع محلياً وإقليمياً ودولياً هو المطلوب الآن، وبث القنوات من خلال شبكة التواصل الاجتماعي، والتي يشاهدها الملايين من البشر في جميع أنحاء العالم، فنحن أمام تقنية متجددة، وثورة معلوماتية وكم هائل من المعلومات تنشر كل دقيقة.

الإعلام التقليدي في هذه الألفية لا يؤكل عيشاً أمام الإعلام الجديد، والذي يفترض أن تستفيد منه مجتمعاتنا العربية لبث إعلامها الموجه من أجل خدمة مصالحها العليا.

الإعلام الجديد يجب أن نستغله ونستفيد منه ونستخدمه الاستخدام الأمثل وذلك بدمج الإعلام التقليدي بالإعلام الجديد حتى ننجح في خدمة مصالحنا العليا، وأنا هنا أتكلم بشكل عام، فدولنا العربية عليها أن تعيد سياساتها الإعلامية لكي تتواكب مع الإعلام الجديد حتى لا يكون الإعلام الجديد سيد الموقف، والإعلام التقليدي يتلاشى وهنا مكمن الخطورة. الإعلام الجديد فيه الغث والسمين، ولكن «الغث» فيه قد يطغى على السمين كونه إعلاماً حراً منفلتاً لا ضابط له ولا رقيب عليه إلا رقابة الشخص الذاتية، قد يضبطه أي بلد داخلياً ولكن لا يستطيع ضبطه خارجياً، وقد يلجأ «البعض» للدخول إلى وسائل التواصل الاجتماعي «بمعرفات وهمية» من خارج أي بلد لكي يطمس هويته وهنا مكمن الخطورة، وهو العائق أمام أية أنظمة وقوانين وتشريعات، ولذلك دمج الإعلام التقليدي بالإعلام الجديد هو ضرورة من أجل الحد من هذا الإعلام الجديد الحر المنفلت.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store