Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

المملكة تفتح سقف التوقعات على مصراعيه

A A
المتابع للواقع السعودي في الفترة الأخيرة يشهد بوضوح أن ثمار رؤية المملكة 2030 بدأت في الظهور قبل وقتها، وأن بلادنا ولله الحمد قطعت أشواطًا بعيدة في مرحلة التنفيذ العلمي لما نادت به تلك الرؤية، بدليل أنه لا يكاد يمر أسبوع حتى نسمع عن تدشين مشروع إستراتيجي بالغ الأهمية، وهو ما جعل وكالات الأنباء العالمية والصحف الغربية والفضائيات تتسابق لنقل هذه الصورة والتنافس على تغطية كافة جوانب المشروعات التي يتم الإعلان عنها.

في البداية ينبغي الإشارة إلى حقيقة واقعة وهي أن هذه المشروعات التي تعلن سرعان ما يبدأ تنفيذها الفعلي في غضون فترة قصيرة، وهو ما يعني أن ذلك الإعلان لم يتم إلا بعد استكمال كافة الإجراءات الخاصة بها، وتوفير التمويل اللازم، والانتهاء من دراسات الجدوى.. مما يشير إلى أن هناك جهودًا كبيرة تبذل، وأن مركز القرار تحول إلى ما يشبه خلية عمل تقرن الليل بالنهار لأجل تحويل الأحلام إلى واقع معاش، والترجمة الفعلية للخطط والدراسات إلى مشروعات نشاهدها بأعيننا.

وقد ذكرت في أكثر من موقع أن أبرز ما تحلت به رؤية المملكة 2030 هو استصحابها للطموح بالواقع وأخذ المعطيات الحقيقية على الأرض عند بدء التخطيط لأي مشروع جديد، وهذه وصفة سعودية مبتكرة أثبت القائمون عليها أنها الشفرة الحقيقية للنجاح وكلمة السر في هذا التقدم الذي يكاد يسابق الزمن ليسطر في كل يوم إنجازًا جديدًا يفوق ما كان قبله.

أكبر دليل على ما سقته هو ما حدث خلال الأسبوع الماضي، حيث لم يكد العالم يستوعب تفاصيل (مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية) التي تعد الأولى من نوعها على مستوى العالم، والتي يراد لها أن تكون حاضنة للشباب ومقرًا لمؤسسات القطاع غير الربحي ومنظمات المجتمع المدني، حتى تم الإعلان عن بدء العمل في مدينة (أوكساجون) التي تعد بدورها أول مدينة من نوعها على مستوى العالم، وذلك من حيث مواصفاتها الفريدة وغير المسبوقة.

إضافة إلى القيمة الاقتصادية العالية لهذه المشروعات الجديدة، وعائداتها المتوقعة التي سوف تشكل حتمًا إضافة إيجابية للاقتصاد الوطني، فإن الملاحظة الأولى التي تجذب الأنظار هي أنها مشروعات متوافقة مع البيئة، ومنسجمة مع توجه الدولة لترقية صحة الإنسان وضمان سلامته عبر الإعلاء من مفاهيم جودة الحياة تطبيقًا لشعار (الإنسان أولاً) الذي رفعته القيادة، إيمانًا منها بأنه لا قيمة لأي طفرة اقتصادية أو تنمية إذا كانت صحة الإنسان متدهورة، لأنه المعني الأول بها.

هذه النتائج المبهرة لم تتحقق قطعًا عبر ضربة حظ أو بالمصادفة، لأن الحظ لا يتكرر كثيرًا والصدف لا تحقق مثل هذه الإنجازات، لكن السبب الحقيقي يكمن في إقرار رؤية المملكة 2030 التي اعتمدت بصورة رئيسة على التخطيط السليم الذي يعد أهم المداخل لتحقيق التطور والازدهار.. إضافة إلى التحلي بالواقعية والتحوط لكافة الاحتمالات، والاعتماد على عناصر حقيقية تواكب المتاح، دون ركون لليأس أو المخاوف غير المبررة، والتعبير عن طموح كبير لا تحده حدود ولا توقفه عوائق، ما دام يستند إلى أسس راسخة وإرادة صلبة وعزيمة لا تلين.. وفي ظل مثل هذه المعطيات فإن النجاح يعتبر نتيجة طبيعية بعد أن اكتملت أركانه، وتوفرت شروطه، واجتمعت عناصره.

ختامًا فإن أكبر إنجاز حققته رؤية المملكة 2030 حتى الآن -من وجهة نظري- هو أنها أخرجت أفضل ما في الإنسان السعودي، واستثارت قدراته واستنفرت إمكاناته ودفعته نحو ميادين العمل والإبداع والابتكار، بعد أن حررته من كثير من المعوقات التي كانت تكبله وتمنع انطلاقه في ميادين العطاء.. وفي ظل هذا الوضع فإن من حقنا في هذه البلاد المباركة وتحت ظل هذه القيادة الرشيدة أن يتسع حجم أحلامنا، وتتضاعف بدواخلنا مساحات الأمل، ونتوقع أننا في المستقبل القريب سوف نحقق فكرة المملكة العظمى ونأخذ ببلادنا نحو مصاف الدول الأكثر تقدمًا على مستوى العالم، وهي مرتبة نستحقها بجدارة واستحقاق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store