Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

اللاعب الجديد

A A
لم يكن اعتباطاً أن تنشئ الصين أول قاعدة عسكرية لها خارج بلادها عند مدخل البحر الأحمر ، وعلى بوابة البحر الأحمر الجنوبية في خليج عدن. إذ اعتبرت هذا الممر المائي مهماً لتجارتها بعد أن ازداد نشاط القراصنة الصوماليين وهددوا التجارة الدولية، وأنشأت الصين عام 2016 قاعدتها البحرية في جيبوتي ووسّعتها لتتمكن من احتواء حاملة طائرات تتمكن بها من الوصول الى مختلف أنحاء القارة الأفريقية الى جانب مناطق واسعة من الشرق الأوسط.

صحيح أن جيبوتي احتوت قواعد عسكرية بحرية أخرى لأميركا وفرنسا بل وحتى لليابان، إلا أن الصين هي لاعب جديد في المنطقة، وعلى الجانب الآخر من الجزيرة العربية وقعت اتفاقاً هاماً مع إيران لتمويل وإنشاء مشاريع عديدة بتواجد صيني قوي. وهو الأمر الذي تسعى الولايات المتحدة الأميركية الى تعطيله عبر الوصول الى اتفاق مع إيران في المحادثات النووية القائمة وتقديم إغراءات كبيرة لإيران حتى وإن لم يتحقق تنازل مؤثر من الإيرانيين فيما يتعلق بأنشطتهم التخريبية في البلدان العربية، حيث يسعى ليبراليون أميركيون الى دعم إيران والحركات الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين، الذين يعتبرونها معتدلة ويتغاضون عن أنشطتها الإرهابية. كما أنهم يعرفون أن دول الخليج العربي تميل الى التعاون مع الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، لا الصين القوة العالمية الصاعدة. ويرون مصالح أميركا تحقق عبر الفوضى التي يسببها إطلاق يد إيران وحركات الإسلام السنى السياسي في المنطقة. الصين تبحث عن سبل تمكّنها من الهيمنة على مقدرات منطقة الشرق الأوسط التي تتمتع أرضها بثروات ضخمة ليست في مجال البترول فحسب بل ومعادن متنوعة تجعلها مغنماً كبيراً مع من يتمكن من الوصول إليها. ويسعى الغرب، وخاصة أميركا، إلى منعها من تحقيق أهدافها.. ويخشون أن تتمكن الصين من تحقيق هذه الأهداف إذا ما تحالفت بشكل أكثر قوة مع روسيا التي أصبحت لاعباً رئيسياً في المنطقة وأخذوا يركزون على تقليم أظافر الدب الروسي عبر توسيع نشاطهم المناوئ للروس في البحر الأسود وأوربا الشرقية وهو ما نشهده يتصاعد الآن ، ويرغبون في إكمال مهمتهم هذه قبل أن تتمكن الصين من تغيير إستراتيجيتها الحالية وتتحالف مع روسيا.

هناك مخططات أميركية وأخرى صينية في التنافس القائم بين القوتين العالميتين أخذت ملامحها تتضح الآن وستكون منطقة الشرق الأوسط واحدة من الجوائز التي يسعى كل منهما للفوز بالهيمنة عليها أكان عبر تحالفات أو اتفاقيات خاصة.

وبينما تملك الولايات المتحدة الأميركية تحالفات قائمة وميزات توفرت لها، بما في ذلك قوة الدولار، منذ الحرب العالمية الثانية، وتتوسع فيها إلا أن الصين قادم جديد لحكم العالم وركزت بداية على قوتها الذاتية بتحقيق إنجازات داخلية حوّلتها لتكون مصنع العالم وعاملاً حيوياً وحاسماً في التجارة الدولية، وتمكنت من بناء قوة عسكرية ضخمة وهي تسعى الآن لقيام إمبراطورية صينية جديدة

وأعلنت عام 2018 أنها ستبني (50) جزيرة صناعية في بحر الصين الجنوبي بحلول عام 2030. وتنشر الصين عبر هذه الجزر مطارات وقواعد بحرية عسكرية لما تقول إنه إرث تاريخي قديم لها وللاستفادة من احتياطي نفطي مؤكد يبلغ عشرة مليارات برميل وثروة هائلة من الغاز الطبيعي في بحر الصين الجنوبي وهو جزء كبير من المحيط الهادي. وأطلقت على مشروعها بإنشاء خمسين جزيرة مسمى (حاجز الصين العظيم) ويقضي بإنشاء حاجز بطول ألف كيلو متر بعرض بحر الصين الجنوبي ويحوله إلى مسطح مائي شبه مغلق.

هذا البحر تشترك فيه دول آسيوية أخرى بالإضافة اليها هي الفلبين وفيتنام وماليزيا وبروناي وتايوان وإندونيسيا. مما يعني أن عدة مشاكل تثيرها هذه الرغبة الصينية في إعلان السيادة الصينية على البحر بكامله الذي يشمل اثنين من الممرات التجارية الهامة وهما مضيق ملقا ومضيق تايوان، علماً بأن تجارة النفط العابرة لمضيق ملقا في بحر الصين الجنوبي تعادل نحو ثلاثة أضعاف ما يمر بقناة السويس من نفط كل سنة.

تصاعد المنافسة بين الصين وأميركا على التجارة العالمية والثروات الطبيعية يجعل من الشرق الأوسط جائزة هامة سوف يسعى العملاقان الى الفوز بالجزء الأكبر منها، وعلى قيادات المنطقة الاستعداد لمفاجآت من الشرق والغرب ستؤثر على بلدان الشرق الأوسط بدرجة أو أخرى حسب قوة بنيان كل بلد منها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store