Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

الغرامات.. وقود للغلاء..!!

A A
بعد أن خرج من السوق العديد من صغار المستثمرين وأصحاب المحلّات بسبب كثرة الغرامات المفروضة عليهم من بعض الجهات الحكومية، وعدم مناسبة الغرامات بقيمتها المالية المرتفعة لحجم مخالفاتهم المرصودة، والمبالغة في الغرامات وفي أسبابها، يحضرني سؤال عن الذين لم يخرجوا منهم من السوق؟ هل هي مسألة وقت حتّى يخرجوا بالمثل؟ لا أعلم بالطبع، وأتمنّى ألّا يتأثّر اقتصادنا الوطني سلبياً من ذلك، فالاستثمارات والمحلّات التجارية الصغيرة هي في مجموعها تُمثّل نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي الوطني، وأيّ هزّة فيه لا قدّر الله ليست مؤشّراً إيجابياً على الإطلاق

لكنّي أعلم أنّ من بقي منهم في السوق سيفعلون كلّ ما في وسعهم من إجراءات لمواجهة سيل الغرامات العرمرم، بما يبقيهم في السوق، ويضمن عدم تأثّرهم بما قد تُفرض عليهم من غرامات جرّاء المخالفات التي تحصل في أيّ منشأة تجارية بالسهو والخطأ أو بالقصد والعمد!.

ومن إجراءاتهم المتوقّعة رفع أسعار تجارتهم، وإشعال مزيد من أعواد الكبريت على وقود الغلاء الذي ستزداد نسبته، ولا خاسر إلّا المُستهلِك ذو الدخل المحدود الذي عانى قبل الغرامات، وعاني بعدها، ولا أحد يلتفت له ولراتبه المتواضع الذي ينفد في منتصف الشهر أو حتّى قبله بسبب الغلاء الذي مسّ كلّ شيء!.

أعتقد أنّه آن الأوان لإعادة دراسة الغرامات المالية، كلّ الغرامات، في كلّ قطاع، وأن تسعى الجهات المُغرِّمة لإصلاح الخلل الموجود في المُغرَّمِين، تارةً بالغرامات المالية المعقولة، وتارةً بالعقوبات غير المالية التي قد تُفيد أكثر، وتارةً برصد جوائز تقديرية لصغار المستثمرين وأصحاب المحلّات الملتزمين بالكفاءة والخلّو الدائم من موجبات التغريم ليكونوا قدوة للغير وحافزاً لتجويد الخدمات، فالغاية هي نمذجة الاستثمار المحلي الصغير وليس التغريم بحدّ ذاته، وخلق بيئة اقتصادية تنافسية ونموذجية خير من مليون غرامة، ومن يستثمر آلاف قليلة من الريالات ثمّ يُغرَّم هذه الآلاف في لحظة سيخرج من السوق بلا رجعة، وهذه هي الخسارة بل أمّ الخسائر، والجهات المُغرِّمة مدعوّة للتأمّل لما فيه خير الاقتصاد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store