Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

هل انهيار العالم حتمي ؟!

A A
استمعت إلى مقطع فيديو لمقدم برامج ضاحكة بريطاني يعكس حال كثيرين في مختلف أنحاء العالم ممن يشاهدون القيم التي تربوا عليها تنهار، وعوضًا عنها تقوم وسائل الإعلام من مسلسلات وأفلام كرتون ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بتلقينهم قيماً جديدة.. يقول مقدم البرنامج: كنت أتحدث مع رجل ينوى الرحيل، قرر أن يهاجر.. قرر ترك هذا البلد، فسألته: لماذا ستهاجر؟، فأجاب: بسبب الشذوذ الجنسي، فقلت له: ما الذي تتحدث عنه؟ قبل 300 سنة كانت عقوبة الشذوذ الإعدام بالشنق أو بالإغراق في الماء، قبل مئة سنة إذا كنت شاذاً جنسياً كانت عقوبتك هي الإعدام شنقاً، وقبل 50 سنة كانت عقوبتك الجلد و20 سنة سجنًا، قبل عشرين سنة أصبحت العقوبة غرامة 200 جنيه وسنتين في السجن، قبل خمس سنوات تحولت العقوبة إلى غرامة بسيطة ثم إعفاء وإفراج مع تعهد.. هذا كل شيء، لماذا أنت ذاهب إذاً؟، فقال: سأرحل قبل أن يجعلوا الشذوذ الجنسي إجبارياً.

ما يجري هذه الأيام هو محاولة تقوم بها جماعات قوية لإعادة صناعة العالم بقيم وقواعد تخدم أجندتها، ولا يقتصر الأمر على دولة بعينها، بل يسعى الجميع، شرقاً وغرباً، إلى ذلك، البعض في موقف هجومي والبعض الآخر في موقف دفاعي للوصول إلى نتائج تختلف عما يسعى له المهاجمون، وهذا يدفعنا للتساؤل ما الذي سنخلفه لأولادنا وأحفادنا، وكيف سيتغير هذا العالم؟!، المؤكد أن التغيير حاصل، ومخاطره تبرز من المغامرات العسكرية التي تقوم بها الدول، خاصة الكبيرة، مثل أمريكا والصين وروسيا، الذكاء الاصطناعي يتطور بشكل سريع ويستخدم في الصراع القائم، ويكاد أن يحدث هذا التطور يومياً وليس كل بضع سنوات. الصين تنطلق في بناء خمسين جزيرة على البحر، لا لكي يعيش مواطنوها فيها، وإنما لتتحول إلى خمسين قاعدة عسكرية، وتُهدِّد بغزو تايوان، وتقف أمريكا مواجهة لها بأساطيل تنشرها حول وقريباً من تايوان، ودول آسيوية تتأثر ببناء الجزر الصينية في البحار القريبة منها، وأحياناً في مجال يخصها، مثل الفلبين وفيتنام، وأمريكا تنشئ تحالفات عسكرية جديدة في آسيا وتقوي تحالفاتها القائمة في نفس الوقت الذي تنشغل فيه بالشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وفي الجانب الآخر يشتد السجال فيما بين أوروبا وأمريكا من جانب، وروسيا من جانب آخر، وخاصة حول أوكرانيا التي تقول إن الروس يستعدون لمحاربتها في العام القادم، بينما يدَّعي الروس أن أوكرانيا تعد العدة عسكرياً للاستيلاء على جزيرة القرم التي أصبحت جزءاً من الاتحاد الروسي، وذلك بدعم وتشجيع من حلف الناتو، ويشيرون إلى التحركات العسكرية الأمريكية والأوربية التي دخلت البحار المحيطة بروسيا وأوكرانيا.

التحركات العسكرية خطيرة جداً، ومن الصعب السيطرة على نتائجها، ومؤخراً قالت روسيا: إن مقاتلاتها طاردت مقاتلات أمريكية وأخرجتها من المجال الجوي الروسي، وقالت تايوان وأمريكا: إنها تصدت لمقاتلات صينية، وهذه أمثلة للعبة عسكرية يعتقد لاعبوها أنهم يمكن أن يتحكموا بها، إلا أن عدم الثقة التي تهيمن على عواصم العالم الرئيسية، موسكو وبكين وواشنطن، كل منها تشكك في نوايا الأخرى، يجعل من المرجح أن يؤدي تحرش عسكري بتفجير حرب إذا عجز المحاربون عن توسعها تؤدي إلى تفجير العالم وتحويله إلى خرابة تترك للأجيال القادمة إعادة بنائها، أي أن احتمال ما سيخلف الجيل الحالي للأبناء والأحفاد من قيم منهارة وأرض محروقة احتمال وارد، لابد من البحث عن وسيلة لتفاديها (إن أمكن).


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store