Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

(صارحوا) أطفالكم..!

صدى الميدان

A A
* في زمن ثورة قنوات التواصل، لم يعد للشياب أمثالي، إلا الوقوف على أطلال ذلك الزمن الغابر، الذي أستحضر فيه قصة ذات علاقة بمقال اليوم، المقال الذي أقف معكم فيه على واقع أطفال يعيشون حالة من (الاختطاف) الممنهج، ويساقون إلى حيث تلك الوجهات (المخجلة)، والمقاطع (الفاضحة)، التي هي أكبر من أن يدركوا أبعادها، ولكنها تؤسس لديهم ما يمهد إلى ترسيخ اعتقاد أن كل ذلك يمضي في سياق الأمر (الطبيعي)، خاصة أنهم يقضون مع عالمهم الافتراضي ساعات تزيد عن تلك الأوقات التي يعيشون فيها في كنف (مدرسة) الوالدين.

* ولك عزيزي الأب، وعزيزتي الأم، أن تجيبا على هذا التساؤل الذي ضج به فضاء الناصحين دون أن يجد تلك الإجابة ألا وهو: هل تعرف مع من يعيش طفلك، وهو يتجول بين تلك المقاطع، والمواقع، وتطبيقات الألعاب؟ وهل لديك المعرفة التامة بما يشاهد ويسمع؟ ثم هل أنت قريب من طفلك بالدرجة التي تعرف منه إلى أين وصل به الحال تأثراً مما يحيط به من عالم قل أن تجد فيه لدعاة الفضيلة موطئ قدم، وما حالات (التنمر)، والابتزاز التي يتعرض لها أطفال صغار لا يسعفهم سنهم بأكثر من أن ينساقوا خلف أولئك (المجرمين) في حق الطفولة، ثم تكون الكارثة الأخلاقية، التي تقتل فيهم البراءة، وتدخلهم في نفق خسارة مالا يمكن لهم تعويضه.

* عندها ماذا يمكن أن يفعل الوالدان، وما هو العلاج الذي يعيد تلك الصورة النقية إلى حيث البراءة، إلى حيث الطفولة المشرقة التي أتت عليها قنوات التواصل، ولم يكن لها أن تأخذ منهم لولا انشغال الوالدين ربما في أعمالهم، وربما لكون الوالدين يعيشان نفس واقع (الاختطاف)، فكل مشغول بعالمه الافتراضي، والنتيجة الوصول إلى واقع تتعدد فيه (المجاهيل)، ولا يتنبه لكوارثه إلا بعد فتوات الأوان، حيث لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد أمام (حطام) نفس بريئة تخلى عنها القريب، فوقعت في (شرك) البعيد، يشكله كيفما يشاء، يغريه بداية، ثم عندما يتمكن منه (يهدده)، فماذا بالله عليكم تتوقعون أن تكون حياة ذلك الطفل الذي كان.

* هو واقع مؤلم يجعلني أعود بكم إلى حيث قصة البداية التي يرويها من قالت له والدته في صغره: من قال لك كذا أو لمسك من هنا ناوله (رد عليه) بالحجارة، وكأنها بذلك ترسم خارطة طريق ابنها في اليوم التالي ذلك اليوم الذي شهد ميلاد طفل شجاع، وجعل أحدهم عبرة للبقية، وأسس في أذهان الجميع رعب (اللي يقرب منه يا ويله) فكم طفل اليوم فاته قطار اللحاق بمثل ذلك (التوجيه)، وكم طفل لا تزال الفرصة أمامه، ولكن للأسف الشديد لا يرى أحداً حوله.

* هي ضريبة تدفع، وجدير بالآباء والأمهات أن يقفوا مع هذا المقال موقف مراجعة لواقع ذهب فيه الأبناء صغاراً وكباراً مع قنوات التواصل إلى مناطق بعيدة، وكل منهم يقف في نقطة الله وحده العالم بمدى ما يكتنفه فيها من خطورة، وعليه فإنني أتوجه إليكم أباءً، وأمهاتٍ بدعوة (مصارحة) مع أبنائكم، اجلسوا معهم، واسمعوا منهم، وقيموا واقعهم، وإياكم من أن (تخجلوا) من مصارحتهم بكل شيء، فأن يسمعوا منكم ذلك (تحذيراً)، أصلح، وأحفظ لهم من أن يقعوا تحت وطأة ذلك ابتزازاً، وموت براءة، وأطلال طفولة.. وعلمي وسلامتكم.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store