Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

الاتحاد الخليجي ثم العربي.. مطلب

A A
في خضم الصراعات الظاهرة والباطنة التي نشهدها بين القوى العالمية الكبرى، وخاصة بين أمريكا والصين وروسيا، بهدف حكم العالم، والسيطرة على ثرواته ومواقعه الاستراتيجية، وبما أن المنطقة العربية، وخاصة الخليجية، تزخر بالكثير من الثروات السائلة والجامدة فوق الأرض وباطنها، بالإضافة إلى سيطرتها على أهم المواقع الإستراتيجية في العالم، فإنها تُعدُّ محل أطماع تلك الدول، لذا نجدها تمارس كل السبل المباشرة وغير المباشرة لنهب تلك الثروات، وبما أن المنطقة العربية -ومنها بالطبع منطقة الخليج العربي- قد تعرضت للتقسيم الجغرافي بعد الحرب العالمية الثانية، حينما اتفقت بريطانيا وفرنسا بموافقة روسيا آنذاك تحت مظلة معاهدة سايكس بيكو التي مارست سياسة «فرِّق تَسُد»، والتي قسَّمت الوطن العربي إلى دويلات، كان ضمن الخطة الموضوعة «بث روح الفرقة والضغينة والصراع بين تلك الدول»، حيث عزَّزت تلك الخطط بآليات لتعميق جذورها وضمان مسيرتها، ثم استمر ذلك الحال حتى يومنا هذا، ولعل الحال الذي نتلمَّسه هذه الأيام، والذي يُوحي بتحوُّل تلك الأطماع غير المباشرة إلى أطماع مباشرة، في محاولة لإعادة نفس التاريخ، مما يستوجب من قادة الأمة العربية التنبّه لذلك، ومحاولة البدء في العمل لوضع الأسس التي تُعيد لوطننا العربي قوّته التي تكمن في اتحاده، حتى لو كان ذلك على مراحل.
وبما أن منطقة الخليج تُعدُّ الأكثر استقراراً، والأكثر غنى، والأكثر تشابه في الحالة الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية، فإنها تُعدُّ الأرضية المناسبة للبدء في تلك الوحدة، ولتكن ضمن إيجاد سوق خليجية مشتركة، وعُملة خليجية موحَّدة، وجواز خليجي موحَّد، وبطاقة وطنية موحَّدة، وسكك حديدية تربط بين دول منطقته، والأهم من ذلك أن يكون هنالك برلمان خليجي موحَّد تستقي منه دول المجلس أنظمتها في مختلف المجالات الحياتية، ويقيني أن ذلك لو تم سوف يدفع ببقية الدول العربية إلى الانضمام إلى ذلك الاتحاد، وهنا تتسع دائرة التنظيم، فتُصبح سوق عربية مشتركة، وعملة عربية مشتركة، وبرلمان عربي مشترك، تستقي منه الدول العربية أنظمتها، ولا يكون ذلك البرلمان صورياً، فارغ الدور، كما هو حال بعض البرلمانات العربية الآن، ويكون هنالك ربط بين كافة الدول العربية بشبكة طرق حديدية، وهكذا تكون البداية، ويقيني أن الوطن العربي سيكون ضمن القوى العظمى في العالم، إذا قام بالدور المطلوب منه، والله من وراء القصد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store