Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عادل خميس الزهراني

أفخر بأني أول كاتبٍ سعودي.. وأصغر كاتبٍ كذلك!!

A A
ما رأيكم في العنوان؟

أتصور أنه جعل حواجبكم ترتفع، وعيونكم تتسع، ووجوهكم تمتقع! (كيف السجع؟ متعوب عليه.. صح؟!) لا يهم.. المهم أن أسجل هذا الإنجاز (الخربوطي) للتاريخ، ولا مانع بأن أنشبَ في حلق جمعية فيسبوكية مهلهلة لتسجل لي هذا الإنجاز براءة اختراع أزلية، تطير بها المواقع والحسابات المليونية، مثل (أول سعودي - وسعودية). طبعاً لا يهم أن تكون المعلومة صحيحة، ولا يهم أن يستحق الإنجاز الذكر، لا يهم أصلاً أن يصح أن نسميه إنجازاً، المهم أني أعلنت لكم، وأنا بكامل قواي الخنفشارية، وسأسعى لتسجيل هذه البراءة براءة التي ستثبت أني أول وأصغر كاتب رأي عربي في التاريخ الماضي والقادم، وسأظل (أصجكم) بهذا حتى آخر يوم من حياتي المشحونة بالأوليات... تدرون.. أفكر أن أصبح أولَ عربي يأخذ جائزة نوبل في الأوليات..

وبهذا أختّم الموسم، و(أصكصك) على كل من تسوّل له نفسه أن يجاري إنجازي الإعجازي المجازي الفانتازي الانتهازي.

بعد هذه المقدمة العمصاء (تكفى يا مصحح المدينة لا تغيّرها، فأنا فعلاً أعني «العمصاء»، بالميم قبل الصاد، أي بالبون).

المهم.. بعد هذه المقدمة..

هل أصابكم الصداع؟ هل شعرتم بالدوار؟

لن ألومكم..

لكنه جزء من صداع الرأس، والحموضة، والغثيان وغيرها من الأعراض التي تصيبني كلما سمعت، أو قرأت، أو حلمت بهذه العبارة التي تقول:

(أفتخر أني أول...). لا تستغربوا؟ يمكن أن يأتيك أحدهم في حلمك، ويقول لك: (أفتخر أني أول سعودي جاءك في الحلم يهايط بأوليته الخراطية).

تقول الدكتورة نورة الشهراني حفظها الله في تغريدة جميلة: «نجاح وتميز شباب وفتيات هذا الوطن مصدر اعتزاز وفخر لكل مواطن، وسعادتي لا توصف عندما أقرأ عن بحث علمي جديد أو اختراع فريد في كل المجالات بأيدٍ وعقول سعودية، ولكني حقًا لا أقبل عبارة(أول سعودي/ة...) وكأننا متأخرون!

فتاريخ السعودية حافل بإنجازات علمية وطبية وتقنية وفنية منذ زمن طويل...».

تحاول الدكتورة -بلباقة اعتدناها من سعادتها- أن تقول إن هؤلاء الذي يتبجحون بهذه الأوليات، يمارسون دون أن يعوا -وفقدان الوعي آفة الأمر كله طبعاً- يمارسون سلوكاً يوصل رسالة مناقضة لما يريدون، فهم يقللون من تاريخ الوطن من حيث يريدون أن يرفعوا من شأنه، يصورون الوطن متأخراً، وهم يريدون تقدمه طبعاً.

وما دام الأمر كذلك.. فليفهم أصحاب هذه النزعات الغريبة من شبابٍ وشيابٍ أن الوطن أكبر منهم، ولا يحتاج لأولياتهم المزيفة التي يمنون بها عليه.. بل إن الوطن أعلى وأسمى من أن يهتم بهذا الوعي الأجوف الذي يطارد الأوليات.. ويقتنص الأفضليات التي لا تعني شيئاً. يحكي الأصدقاء عن زميل حصل على الأستاذية، وأعلن في حساباته أنه يفتخر بأنه أصغر بروفيسور.. الزملاء أثبتوا سريعاً أنه ليس أصغر بروفيسور... تخيلوا صار بروفيسوراً.. بروفيسووووووراً..

ولا يزال يبحث عن تميز هامشي يجعله أكثر تميزاً بين أقرانه.. لا ويُكتشف أيضاً -في جلسة عابرة- أنه تميز مزيف.. يا ضيعة العلم!!!

أعلم أني لست أولَ من كتب عن هذا الموضوع..

أعرف أن هناك من سبقني في الكتابة عن هذه الظاهرة المزعجة، وفندها وناقشها بطريقة أكثر عمقاً.. واعترافي هذا بأني لستُ أولَ ولا أصغرَ ولا أوسمَ من كتب في هذا الموضوع، يدل على أمانتي وصدقي وتواضعي وحكمتي الطاغية...

لا بد أني أول حكيم في التاريخ..

ولا عزاء للبطيخ..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store