Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عبدالله صادق دحلان

دكاترة الجامعات والخبرات المهدرة

A A
خبرات متراكمة لأكاديميين رواد خدموا الجامعات السعودية في قطاعات متخصصة ينتهي بهم المطاف إلى سن التقاعد 60 عامًا، واذا تكرمت عليهم بعض الجامعات تمتد خبرتهم إلى 65 عامًا وهي نسب بسيطة، وتنطوي صفحة معظمهم العلمية بخروجهم من الجامعات، وفي وجهة نظري أعتبرهم خبرات طويلة متخصصة يمكن الاستفادة منهم في القطاع العام والخاص، ومن تجربتي الشخصية في استقطاب مجموعة من أساتذة الجامعات المتقاعدين في بناء جامعة أهلية جديدة، كانت تجربتي ناجحة بكل المعايير وضعت فيها جميع الخبرات المتراكمة وتجاوزوا فيها بيروقراطية الجامعات الحكومية وقدموا لنا نموذجًا متميزًا في الجودة العلمية من تطوير مناهج وتطوير طرق تدريس وتأهيل الكفاءات الشابة من الدكاترة ورفع مستوى البحث العلمي، وهي ليست مجاملة لفئة الأكاديميين المتقاعدين الذين استعنت بهم في إنشاء الجامعة وتقلّد بعضهم رئاسة الجامعة والبعض الآخر وكلاء جامعة وآخرون عمداء كليات وقدموا لنا إنموذجاً فريداً بخبرتهم وكفاءتهم، وفي تجربة حديثة استعنت ببعض من مديري الجامعات المتقاعدين في لجنة أكاديمية عليا للإشراف على جودة التعليم فكانوا متميزين في رأيهم وفكرهم وتوجهاتهم، وهذا ما يدفعني اليوم إلى طرح فكرة الاستفادة من المتقاعدين من دكاترة الجامعات في أعمال استشارية أو أعمال إشرافية كل في تخصصه وعلى وجه الخصوص الاستفادة من هذه الخبرات في مجالس إدارات الشركات المساهمة الصناعية والخدمية والتجارية والصحية وخبرتهم العلمية من المؤكد ستضيف لهذه المجالس طابعاً علمياً في مناقشة الموضوعات التخصصية أو الاستعانة بهم في عضوية الهيئات الجديدة حسب التخصصات المتنوعة، لقد نجح بعض من الأكاديميين المتقاعدين في إدارة بعض من الجمعيات الخيرية أو بعض من الهيئات العلمية وقد يحتاج الأمر إلى تكوين جمعية متخصصة للأساتذة الجامعيين المتقاعدين يتم الرجوع إليها عند الحاجة للاستفادة من الخبرات الأكاديمية الطويلة، وقد تتولى هذه الجمعية مهمة الاختيار والترشيح كما يمكن لهذه الجمعية أن تنشئ مركزًا بحثيًا يسهم في إعداد الدراسات والأبحاث التي تحتاجها بعض من الجهات الحكومية وغير الحكومية، وبالرجوع إلى بعض من جمعيات الخبراء في الدول الصناعية نجد أن معظم من ينتمي لها هم أكاديميين متقاعدين أو قياديين متقاعدين.

وفي بلادنا نحمد الله بأن الجامعات تزخر بمجموعة كبيرة من الدكاترة السعوديين من الجنسين على أبواب التقاعد وهي فرصة للاستفادة من خبراتهم، وتجربة الجامعات الأهلية في استقطاب الدكاترة الأكاديميين المتقاعدين في رئاسة الجامعات أو في عضوية مجالس الأمناء فيها تجربة ناجحة، أتمنى أن لا نضيع فرصة الاستفادة من هذه الكفاءات التي ينتهي دورها بتقاعدها من الجامعات وتصبح خبرة ضائعة لا يستفيد منها الوطن، علماً بأن دكاترة الجامعات عملياً لا ينطبق عليهم التقاعد في سن 60 عامًا فعطاؤهم يستمر إلى سن 70 وأحياناً أكثر من هذا.

ولو كل وزارة أو مؤسسة حكومية أو هيئة حكومية أو شركة مساهمة بكافة أنواعها استعانت ببعض هذه الخبرات الاستشارية سيكون لها مردود كبير في تصويب كثير من الآراء والأفكار والقرارات، ورغم تفهمي لموقف الجامعات الحكومية بالإصرار لتطبيق سن التقاعد لإتاحة الفرصة للدكاترة الشباب الجدد إلا أنني أعتبر عدم الاستفادة من الأكاديميين المتقاعدين هدر للخبرات المتراكمة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store