Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

مناوشات وحروب بالوكالة.. نذر العام الجديد

A A
مع اقتراب نهاية السنة، تتصاعد المنافسة في ما بين الصين وروسيا من ناحية، وأمريكا من ناحية أخرى، وتتسم بالتحدي العسكري، وليس التجاري فحسب، مما يهدد باحتمال أن تصبح السنة الجديدة (2022) سنة تصعيد خطيرة تؤدي إلى اندلاع حروب بالوكالة، ومناوشات عسكرية.

يعتقد الأمريكيون أنهم مؤهلون أكثر من غيرهم للهيمنة على العالم، وتقول الصين إن أمريكا أصبحت نموذجاً قديماً للدولة الأولى في العالم، وتسعى للتغلب على النفوذ الأمريكي حيثما أمكن ذلك. الصينيون بحاجة لسنوات طويلة حتى يتمكنوا من تولي دور أمريكا عالمياً.. حيث إن واشنطن تمكنت خلال سنين عديدة من إنشاء أدوات هيمنة متعددة تستخدمها لفرض هيمنتها ابتداءً من الدولار الأمريكي كعملة عالمية ومرجع اقتصادي هام، ومنظمة الأمم المتحدة ككيان دولي يستخدم عند الحاجة لتأكيد الهيمنة الأمريكية، إلى منظمة التجارة العالمية التي أعتقد الأمريكيون حين تقبَّلوا التحاق الصينيين بها أنها ستفتح أسواق ومجتمع الصين لهم، وستجعل الصينيين يتحوَّلون إلى الرأسمالية كمرحلة أولية لإغرائهم بالنظام السياسي الأمريكي. بكين بحاجة إلى أدوات جذابة، مثل: صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمؤسسات الدولية الأخرى التي تلجأ إليها أكثر دول العالم للوصول إلى المال، أو لإصلاح أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، ولن يكون من السهل على الصينيين تحقيق هذا الأمر في المستقبل المنظور.

ولا تزال الجامعات ومراكز الدراسات الأمريكية مرجعاً مهماً للنظريات الاقتصادية والسياسية. لكن الصين تقول: إن الديموقراطية الغربية التي يدعو الأمريكيون دول العالم لتبنِّيها هي نظام ميت، أو في سبيله للموت، والدليل على ذلك ما يحدث هذه الأيام بأمريكا في ما يتعلق بخلافات الديموقراطيين والجمهوريين والبيض والسود... وغيرها من الخلافات الاجتماعية والسياسية التي يعجز النظام الديمقراطي الأمريكي عن علاجه، بينما النظام الصيني هو نموذج ديموقراطي صاعد بناه الحزب الشيوعي الصيني، وبالتالي فإنه نموذج المستقبل. في نفس الوقت الذي تتنافس فيه الدولتان في عدة مجالات اقتصادية وعلمية... وغيرها، فإن هناك أيضاً تنافس في ما بينهما على بناء قوة عسكرية لكل منهما، وتسعى كل دولة لتكون قواتها أضخم وأقوى القوى في العالم. ولاشك أن الصين خطت في المجال العسكري خطوات هامة في الفضاء والبحر بأسلحة متطورة ومتقدمة، يخشى الأمريكيون فعلاً أن لا يتمكنوا من اللحاق بها. وبالإضافة إلى الصين تسعى روسيا لتكون لها مكانة هامة في ما بين هاتين القوتين، وأن تتمكن من دعم قدراتها، بحيث تصبح بعيدة عن متناول الغرب الذي يسعى لتغيير نظامها السياسي من الداخل. ويبدو، حتى الآن، أن بكين وموسكو غير قادرتين على التحالف مع بعضهما البعض ضد خصمهما الأمريكي، ومن المرجح أن لا يتم أي تحالف روسي - صيني قريباً.

ويدفع الطموح الروسي في أن يكون لها دور عسكري عالمي، وهيمنة على أجزاء من العالم، الحنين إلى دور الاتحاد السوفيتي الذي كان القوة العظمى المنافسة لأمريكا، ويرغب الرئيس بوتين إحياء جزء من هذا الدور، فيما يقوم به في سوريا وليبيا وإفريقيا. وأدت خشيته من أن يسعى الأمريكيون إلى توسيع حلف الناتو وضم أوكرانيا إليه، إلى حشد أعداد كبيرة من قواته المسلحة على حدود أوكرانيا، خاصة أن الدول الغربية قامت بقيادة واشنطن بنشر سفن وطائرات حربية في البحر الأسود وبحر البلطيق، وتقوم بمناورات في البحر والجو استشعرت موسكو الخطر منها ورفعت من استعداداتها، لتُعرب عن أنها قد تُحارب للإبقاء على أوكرانيا بعيداً عن الناتو. وتطور الأمر أخيراً إلى تقديم موسكو مقترحات حول شروطها تجاه الناتو، بينما قدمت الدول الغربية مقترحات الناتو في ما يتعلق بالتواجد قريباً من الحدود الروسية. واحتفظت واشنطن بهذه المقترحات سرية، حتى يتم بحثها في لقاء مع موسكو، لكن الروس سارعوا إلى الإعلان عن مقترحاتهم، والمقترحات التي تلقّوها. وهي نفس الطريقة التي اتبعها الصينيون تجاه مناورات عسكرية غربية في بحر الصين، سعى الأمريكيون إلى عدم الإعلان عنها في وقتها تفادياً لإثارة مشاعر الصينيين. إلا أن الصينيين كشفوا عنها، وأعلنت بكين إدانتها ورفضها لهذه المناورات العسكرية.

فهل ستكون الحرب، مقصودة أم بالصدفة، هي الوسيلة التي سيتحقق بها تغيير القواعد العالمية؟.. وهل ستشارك روسيا إلى جانب الصين فيها؟!.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store