Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

حول الملف النووي...!

A A
في العقد الأخير من القرن العشرين كان الحديث يدور حول خطورة امتلاك كوريا الشمالية قدرات نووية وبعد أن تفاجأ العالم بالسباق بين الهند وباكستان الذي نتج عنه امتلاك الدولتين قدرات نووية وضعت العالم أمام أمر واقع وأصبح لدى الهند والباكستان سلاح ردع نووي بامتياز.. إسرائيل طلبت من الهند إعطاءها موقع في أحد مطاراتها حتى تتمكن من ضرب المفاعلات النووية الباكستانية مثلما فعلت للعراق ولكن الهند رفضت ذلك بحجة أنها لا تضمن نجاح العملية وقد تكون عواقبها وخيمة على الهند لأنها تعرف عزم وقوة سلاح الجوي الباكستاني بالرد المدمر لو تعرض الباكستان للاعتداء من الأراضي الهندية.. إيران لم يكن أحد يذكرها في كل الدراسات التي كانت محل جدل وندوات في الأوساط الأكاديمية في شمال أمريكا، جامعة مقيل بكندا وهارفرد وأخواتها في الولايات المتحدة الأمريكية.

في تلك الفترة كنت منتسبًا لجامعة مقيل قسم العلاقات الدولية لتحضير الدكتوراة (مجال البحث النظم الدولية) وكان هم الدول العربية السلاح النووي الإسرائيلي الذي تسترت عليه الولايات المتحدة وساعدت فرنسا وغيرها من الدول الغربية الكبرى في دعم إسرائيل لتحقيق ذلك ولم يكن أحد يذكر إيران على الاطلاق لا في الدراسات والوثائق ولا في الأوراق والأطرو حات.. وكان التخوف من أن مصر لديها مشروع برنامج نووي تم تجميده وأنه بالإمكان أن تقوم مصر بإحيائه في أي وقت لأن البنية التحتية موجودة كما يزعمون وبعد أن قامت إسرائيل بضرب منشأة العراق النووية أصبح الكل في العالم العربي متوجس من مخاطر حتى مجرد التفكير في العمل على امتلاك أي نوع من أسلحة الدمار الشامل بعد الذي حصل للعراق.

إيران كانت تخطط في الخفاء بعد مجيئ الخميني وبعد فشل تصدير الثورة وبعد ثمان سنوات في حرب مع العراق الذي أعلن الخميني تجرع السم والقبول بوقف نزيف الحرب مع العراق ولكن الحرس الثوري كان يعمل سرًا على تأسيس البنية التحتية لامتلاك سلاح نووي وبرغم كل المقاطعات الصارمة صرفوا الأموال واستوردوا المعدات واشتروا الخبرات في الخفاء وموهوا وضحكوا على منظمة الطاقة وعندما فاقت أمريكا و5+1 أبرم الاتفاق في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس باراك أوباما الثانية الذي انسحب منه الرئيس ترامب بعد أن أفرجت إدارة سلفه عن الأرصدة واستخدمتها إيران لتمويل شبكاتها الإرهابية والنهوض بمشروعها النووي مستغلة تماهي الدول الأوروبية وغفلة الولايات المتحدة الأمريكية وانشغال روسيا والصين بالتنمية المستدامة.

وإيران بلد كبير ولديها ثروات طبيعية هائلة ولو ركزت على الانفتاح والتنمية لكانت من أفضل الدول اقتصادًا ورخاءً ولكن لوثة الخمينية أعادتهم إلى الوراء وأصبحت دولة مارقة منبوذة بين دول العالم بسبب دعمها للإرهاب ومخالفاتها للقوانين والأعراف الدولية وإذا أصبحت دولة نووية فستكون عدوانيتها أشرس وأبشع وتضع العالم أمام أمر واقع كارثي، وإذا لم تدرك الدول الكبرى نوايا إيران العدوانية وأجندتها الخفية والمعلنة لدعم الإرهاب وتهديد السلم العالمي فإن الدول 5+1 تتحمل مسؤولية تمكين إيران من امتلاك أسلحة دمار شامل تهدد به دول المنطقة ومصادر الطاقة التي يعتمد عليها اقتصاد العالم وكذلك أماكن المسلمين المقدسة في المملكة العربية السعودية.

النقلة النوعية في التقنية التي حصلت من بداية الألفية الثالثة غيرت أشياء كثيرة في طرق الحصول على المعلومات والبحث العلمي وبنوك المعلومات المخزنة من عدة جهات وأصبحت متاحة للباحثين والمهتمين بالاطلاع وتقصي التطورات وطرق الاستخدام وإيجاد البدائل من مصادرها الموثوقة الإسناد وكيفية توظيفها في ميدان العمل المراد القيام به.. عالم صناعة الأسلحة له خصوصيته وشبكات التواصل وتبادل المعلومات سهلت على المريدين سبل الحصول على المعلومة وكيفية استخدامها وعلى هذا الأساس تسارع العمل في منشآت إيران النووية وتخصيب الوقود النووي يقربها من أن تصبح دولة نووية.. والواقع أنه متى تمكنت دولة أو مجموعة من الأفراد الحصول على المعرفة فإنه يصبح من الصعب أو شبه المستحيل انتزاعها منهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store