Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

جرد المخزون!!

شذرات

A A
هذا الأمر (الجرد) معروف لدى التجار ويفترض أن يكون أكثر من مرة في العام، وفي العرف يكون مرة في نهاية كل عام ميلادي.

هذه المهمة كانت تستغرق بعض الوقت، ولكن الأنظمة الآلية يسَّرت الأمر بعد إدخال النتيجة في النظام وتسجيل كل ما يؤخذ آلياً أولاً بأول.

لعل من الخطأ أن نظن أن الجرد يقتصر على البضائع والمشتريات وكل ما هو موجود في المستودعات فحسب، لأن الجرد يلزم أن يتم لأشياء كثيرة في حياتنا كالأدوية التي يستعملها الفرد لعدم تكرار الشراء من جانب ولتقديم الفائض للأفراد المحتاجين لها.

هناك العديد من الأدوات المنزلية والملابس والمفروشات والساعات وألعاب الأطفال بكل أنواعها والتي تحتاج إلى جرد أو مراجعة وتقديمها للمحتاجين لا سيما إذا كانت في حالة جيدة جداً، حتى من يكتنزون عدة سيارات يلزم التخلص من الفائض بيعاً أو تنازلاً لمن يحتاجون إليها.

أحدهم يقول: إن لديه تسع نظارات ما بين طبية وشمسية وهو لا يحتاج إلَّا ثلاثاً منها، وآخر يتحدث عن كثرة ما لديه من كتب قديمة وحديثة حتى أنه لم تتسع مكتبته المنزلية لها، وبالتالي فإن جرد المكتبة والتعرف على محتوياتها يعين على التخلص من الفائض منها بطريقة صحيحة، لا سيما وأن عادة تزيين الرفوف بالكتب قد شارفت على الانقراض.

آخر يسأل: هل يشمل الجرد أرقام الهواتف المخزنة وبعض المجموعات (الجروبات) الموجودة في هواتفنا والتي يقل نفعها؟ الإجابة.. نعم وبكل قوة.

وإذا كانت إدارة المخزون علماً قائماً بذاته، يتناول شكل ونسب البضائع المخزّنة، وفق عدد من المفاهيم الاقتصادية التي تُعنى بتقييم الجودة والتكلفة والعوائد والسلع المعيبة والتنبؤ بالطلب وفق أنظمة وعمليات تحدد متطلبات التخزين وتوفير تقنيات التجديد وتقرير الحالة الفعلية للمخزون من السلع التي يتم تتبُّعها..

إذا كان الأمر كذلك، فإننا بحاجة أيضاً لجرد كل ممتلكاتنا ومتعلقاتنا للاستفادة منها أو تقديمها للآخرين حتى نؤسس لمبدأ التكافل الاجتماعي، وحتى نضبط سلوكياتنا الاستهلاكية التي ينبغي أن تستند إلى مفهوم (لا ضرر ولا ضرار).. بل ويمتد الأمر الى جرد علاقاتنا الاجتماعية وعاداتنا لفرز الغث من السمين فيها.

إن ثقافة الجرد لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية البحتة بل تمتد الى علاقاتنا الاجتماعية وحتى الى مشاعرنا وأحاسيسنا التي تشكل بناءنا النفسي وتؤثر في سلوكياتنا وفي تعاطينا مع الآخرين.. باعتبارها مفاتيح لاندماجنا وتفاعلنا معهم وفق مهارات مكتسبة لا تتشكل الا بإرادة (الجرد) التي تتمايز من خلالها الأشياء والمواقف والعلاقات.. فقط، نحن بحاجة إلى تغيير طريقة تفكيرنا التي ستنعكس حتماً على أنماط حياتنا.

فهل نعيد النظر في ذلك بشكل دوري؟، هذا ما نرجوه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store