Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

العشوائيات.. وهدد جدة..!

A A
كشف مشروع إصلاح العشوائيات في مدينة جدة عن عورات متراكمة للكثافة السكانية وضيق المكان وسوء التخطيط عبر سنوات وعقود طويلة.. أتذكر في حديث شخصي مع المرحوم «محمد سعيد فارسي» إني سألته لماذا ركز التخطيط العمراني على شمال جدة ولم يفعل شيئًا لجدة البلد وجنوبها وكان رده «نريد تلبية احتياجات المستقبل بالتوجه إلى الشمال الفسيح الخالي من المشاكل ولو تم التركيز على جنوب جدة لضاعت الجهود في وحل التداخلات ومنازعات الملكية وصهاريج المياه والمجاري؛ والكلام لأمين مدينة جدة السابق «محمد سعيد فارسي».

معالجة العشوائيات كانت محل اهتمام المسؤولين بدأت بحي غليل وبترومين (الكرنتينة) عندما كان سمو الأمير أحمد بن عبدالعزيز أميرًا لمنطقة مكة المكرمة وعاد التركيز عليها منذ استلام صاحب السمو الملكي خالد الفيصل إمارة منطقة مكة المكرمة، ولكن التنفيذ انتظر طويلاً.

المناطق العشوائية أغلب سكانها من الوافدين (90% تقريبًا) والبعض مخالف للأنظمة وبعض الملاك أيضًا بنى وتوسع بطرق غير نظامية والبلدية يلحقها اللوم في ذلك، ولكن لابد من حل لتلك المناطق المكتظة بالسكان التي أصبح البعض منها بؤر فساد وسوء الخدمات وضيق الشوارع بشكل يُصعب على الجهات المعنية التعامل معها في وقت الأزمات بسهولة، فقد أصبح لابد مما ليس منه بد الإخلاء والهدم بعد إنذارات رسمية من الجهات الرسمية وإعادة التخطيط والبناء بشكل حضاري يليق بعروس البحر بوابة الحرمين الشريفين التي كانت على الدوام تفتح أبوابها لكل الجنسيات بكرم وترحاب يليق بالوافدين وبأهل جدة الكرام.

أعداد الذين شملهم الهدد كبيرة وتحتاج لسكن في أماكن أخرى من المحافظة وهنا لابد من التأكد بأن العادات السلبية التي كانت بؤرًا مقلقة لا ينتقل أصحابها بعاداتهم السلبية في المساكن الجديدة.. وفي حالة المخالفين لنظام الإقامة يجب حصرهم وترحيلهم لدولهم بدون أي تهاون في ذلك، ولا ننسى أن التراخي في تطبيق الأنظمة هو من سمح لتلك العشوائيات أن تصبح معضلة في مدينة جدة ولاشك أن مدنًا أخرى في المملكة تعاني من عشوائيات مماثلة.. العوامل الإنسانية مهمة جدًا في هذه الحالة وغيرها والدولة -حفظها الله- لا تتأخر في عون القريب والبعيد ومع ذلك فإن الحزم في حالة مخالفي الأنظمة واجب والمواطن شريك فيما وصل إليه الحال في العشوائيات مرة باستغلال ظروف الوافدين ومرة بالتسامح حتى لو كان على حساب الإخلال بالأنظمة وهنا مربط الفرس، ومثل ذلك في حالة المتسترين الذين أجهزوا على القطاع الخاص وخلقوا فوضى في الأسواق، استنزاف أموال إلى الخارج وحرمان المواطن من فرص المشاركة والنمو حسب الأنظمة التي تفرضها الدولة.

الأماكن لها تاريخ وذكريات وشوق وحنين تتجلى فيها الأحلام والعواطف ومن ولد وتربى في تلك الأحياء من الصعب انتزاع ذكريات طفولته من وجدانه.. وأحياء جدة التي طالها الهدد بما لها وما عليها لها أصالة ضاربة في القدم وإن دخل عليها فئات لوثت سمعتها وجعلت الأغلبية من أهلها يميلون لهجرانها إلى أحياء أحدث وأكثر جاذبية ومواكبة للعصر ومع ذلك لا أحد يستطيع شطب شريط الذكريات الذي طُبع في ذاكرة أجيال ربوا في مراحل الطفولة وشظف العيش وحميمة الجوار في تلك الأحياء التي اختفت معالمها وأصبحت أرضًا بيضاء مستشرف لها أن تكون نموذجًا معاصرًا يحاكي المستقبل بكل مبهراته ووعوده البراقة. وفي الختام الأمل كبير بأن تثمر إزالة العشوائيات مشروعًا حضاريًا تنمويًا يليق بعروس البحر ويصبح علامة مميزة للزائر والمقيم ويصبح الجميع يصفق للنجاح بإذن الله تعالى. حفظ الله وطننا وقيادتنا وأمننا واستقرارنا في وطننا الغالي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store