Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

السلامة من الضباع!!

A A
رغم أنّ الأسد -كمثال على الوحوش- حيوان مُفْتَرِس بامتياز، إلّا أنّه مقارنةً بالضبع يظلُّ محبوباً، ويُعجب به كثيرٌ من النّاس، ويصفونه بأوصاف بطولية، بل ويُلقّبونه بملك الغاب بلا مُنازِع، عكس الضبع الذي يقبع في درك الكراهية الأعلى للحيوانات المفترسة، وله أثر سيئ في النفوس!.

ومن المشاهدات المألوفة عن الضبع أنّه يفترس ضحيته وهي حيّة، بينما الأسد يقتلها ثمّ يفترسها، وفي هذا رحمة للضحية، ولكم أن تتخيلوا شعور الألم والخوف الذي يصيب الضحية وهي تُلتهم حيّة من قبل الضبع، قطعة قطعة وعضواً عضواً، بِفَكِّ أنيابه الذي يُعتبر أقوى فكّ في عالم الحيوانات، ويسحق العظام سحقاً، ويكاد يكسر به الصخر، وهناك من المصانع الألمانية ما حاكت آلية عمل فكّه لصناعة أجهزة حديدية فتّاكة، وقد سُمّي في الثقافات المختلفة بالوحش الفاجر، وبالجبان الذي لا يهاجم ضحيته وحيداً بل ضمن مجموعة كبيرة من الضباع، لينهشوها وهي حيّة، وبالقمّام الذي إن لم يجد ضحيةً حيّة أكل من الجيف المتروكة في الغابة، وآخر مقطع فيديو شاهدته له وهو يفترس حماراً وحشياً مُصاباً في إحدى غابات إفريقيا ولا يستطيع الهرب ضمن مشهد لا أنصح ذوي القلوب الرقيقة بمشاهدته!.

والضبع في الثقافة العربية هو أيقونة الغدر والخيانة، وما ضُرِبَ المثل المعروف «كمُجيرِ أمّ عامر» إلّا لأنثاه التي تُسمّى أمّ عامر، وقصّة المثل هي أنّ أعرابياً أنقذ ضبعة من صيد بعض قبيلته لها ومحاولة قتلهم لها، وأكرمها وأسقاها وأطعمها ثمّ نام مطمئناً بجوارها، فقامت الفاجرة وبقرت بطنه وهو حيّ وشربت دمه حتّى مات، ثمّ هربت ليلحقها ابن عمّ الأعرابي ويقتلها ويقول أبيات الشعر الشهيرة:

ومن يصنع المعروف مع غير أهله

يلاقي كما لاقى مُجير أم عامرِ

أعدّ لها لمّا استجارت ببيته

أحاليب ألبان اللقاح الدوائرِ

وأسمنها حتّى إذا ما تمكّنت

فرته بأنيابٍ لها وأظافرِ

فقل لذوي المعروف هذا جزاء من

يجودُ بمعروفٍ على غير شاكرِ

وأنا أشبّه الضبع بالفاسد، وأنا في هذا التشبيه من الصادقين، لأنّ الفاسد يفترس المال العام وأهله أحياء، ويغدر بهم، ويخونهم، ويعمل ضمن عصابة من الفاسدين بسبب جُبْنِه، ثمّ يحاول الهرب، فيُقبض عليه من قبل الحكومة، وينزل عليه العقاب الإلهي العادل، وسلامة الجميع من الضباع!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store