Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

متى يحين وقت التفاوض ؟!

A A
تصاعد التهديدات الإعلامية والحشود العسكرية، الروسية والأمريكية، يهدد فعلاً بنشوب حرب عالمية ثالثة تُدمِّر العالم، وتجر الصين إليها. إذ من المتوقع أن تحتل الصين جزيرة تايوان حالما رأت أمريكا تشتبك عسكرياً مع روسيا، وبذلك تُحقِّق وعدها بإعادة تايوان إلى الأراضي والدولة الصينية. وبالرغم من تصاعد المخاطر؛ فإن واشنطن وموسكو ماضيتان في لعبة خطيرة للغاية، لا تُهدِّد بلديهما فقط، بل العالم كله. وفي مقابلة مع قناة (فوكس نيوز) يوم الجمعة الماضي قالت «تلسي جبارد»، وهي عضو سابق في الكونجرس الأمريكي (2013 إلى 2021) وكانت تُمثِّل الحزب الديموقراطي: إن بإمكان «بايدن» تجنُّب حرب في أوكرانيا بتقديم ضمانات لموسكو في أن لا تلتحق أوكرانيا بحلف الناتو العسكري، ونقلت (مجلة نيوزويك) عنها قولها: «الواقع أن احتمال التحاق أوكرانيا بالناتو لن يتم».. والسؤال هنا: لماذا لا يقول «بايدن وقادة الناتو» ذلك؟. وتقول: «إن هذا التصرُّف يقودنا إلى استنتاج واحد، هو أنهم يرغبون أن تقوم روسيا بغزو أوكرانيا».

تتصرف كل من موسكو وواشنطن كفتوات الحارة، يتحدَّى كل منهما الآخر، ليكون هو الفتوة الأوحد في الحارة (العالم). وبينما تطلق أمريكا تصريحاتها النارية ضد موسكو، وترسل آلاف الجنود إلى أوروبا، وأساطيل بحرية وجوية مسلحة إلى مناطق قريبة من روسيا وأوكرانيا، فيما أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، أن روسيا «ستُجري بشكلٍ متواصل» تدريبات عسكرية في البحر الأبيض المتوسط، أي بدون جدول مُحدَّد، وأنها جزء من مناورات حربية «برية وبحرية وجوية». وأنشأت موسكو مجموعة بحرية خاصة في كل من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، وأرسلت ست سفن إنزال روسية من الأساطيل الروسية إلى بحر البلطيق والشمال. وتشمل المجموعة البحرية الخاصة «طرادات صواريخ» يُطلَق عليها مسمَّى: (قاتلة حاملة الطائرات)، وهي مسلحة برؤوس نووية. وقد لمَّح مُحلِّلون روسيون إلى أنه في حال نشب صراع عسكري بين أمريكا وروسيا، فإن الروس سيقومون بزرع صواريخ باليستية في سوريا استعداداً لضرب الوجود العسكري الأمريكي في أي بلد من بلدان الشرق الأوسط. وتسعى موسكو الآن إلى تشكيل تهديد قوي وخطير للولايات المتحدة الأمريكية مع تجنُّب الصراع مع أوروبا. وكانت قد أنذرت أمريكا وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، في شهر ديسمبر الماضي، بأنها ستتخذ إجراءات عسكرية، وعسكرية فنية؛ (ليس من الواضح ما هي الإجراءات العسكرية الفنية)؛ في حال عدم القبول بمطالبها بالضمانات الأمنية.

التصعيد المتواصل لابد وأن تكون له نهاية. ومنطقياً سيتجنَّب الجميع الدخول في معارك عسكرية، فروسيا تطالب بأن لا يُسمح لحلف الناتو مد قواعده إلى داخل أوكرانيا، ولم تعلن عن رغبتها إلحاقها بأراضيها، بينما تسعى أمريكا والناتو إلى عدم القبول بالحد من حرية أوكرانيا والالتحاق بأي حلف عسكري، وهذا أمر يمكن حلّه عبر المفاوضات، وليس بالحرب فحسب. وقد قرأتُ تغريدة على تويتر، يوم السبت الماضي، للدكتور «تركي الحمد»، يُقارن فيها المواقف الأمريكية والروسية عندما يتواجه الاثنان في تحدٍّ مباشر، وربما تكون هذه المواقف مؤشراً لما يمكن أن يجري في حالة التحدي القائمة الآن بين الاثنين.

في عام 2000 حذرت أمريكا «بوش» روسيا، من وقوفها ضد انفصال الشيشان، وكان الرد الروسي هو دخول القوات الروسية للشيشان، وإنهاء الانفصال بالقوة. وفي عام 2008 حذرت أمريكا «بوش» روسيا، من أي عمل عدائي ضد جورجيا، وكان الرد الروسي هو اجتياح جورجيا والسيطرة على العاصمة الجورجية ودعم انفصالي أوستيا. وفي عام 2014 حذرت أمريكا «أوباما» روسيا؛ من أي عمل عدائي ضد أوكرانيا، وكان الرد الروسي: الجيش الروسي يدخل أوكرانيا ويحتل القرم ويعلنها روسية ويدخل دونباس.

وفي عام 2021 حذرت أمريكا «بايدن» روسيا، من أي عمل عسكري ضد أوكرانيا. وهنا بالطبع تكون علامة سؤال قائمة فيما يمكن أن يكون عليه الرد الروسي في ما يتعلق بالعمل العسكري.. الطرفان لا يرغبان في حرب عسكرية، وكلاهما غير مستعد للتراجع عن موقفه في الوقت الحاضر.. متى سيكون الوقت مناسباً للتفاوض؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store