Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

شوفوني (كريم)..!

صدى الميدان

A A
* من طبعه الكرم فإنه يقدم على ذلك دون أن يهتم بتبعات تلك الصفة الحميدة، سواء من حيث ما يقدم أو من حيث حرصه على أن يقال له (كريم)، فهو يفعل ذلك كتصرف طبيعي لصفة خلقت فيه، ونمت معه، هي من يدفعه إلى أن تبقى ناره (حية)، وقلبه لضيفه مفتوحًا كما هو حال باب بيته، وجهه يتهلل فرحًا، واستبشاراً بقدوم الضيف، ولسانه ليس أكثر من ساعي بريد لما يكنه قلبه محبة، وتقديراً، وترحيباً بضيفه.

* الكريم لا يمكن أن يكون أنانياً أو باحثاً عن مديح وثناء؛ لأنه يتحرك من خلق أصيل في نفسه يدفعه إلى أن يتمثل ذلك في تصرفاته حتى ولو تكلف ذلك ديوناً في ذمته، المهم لديه ليس ما يتحمل، ولكن ما يشبع لديه وفاءه بما أنعم الله به عليه من صفة (الكرم) لمن عرف، ومن لم يعرف، فالجميع لديه سواء بل يسبق بكرمه إلى حيث ذلك المحتاج، والمنقطع، الذي جاءه وقد سبقه إليه سمعته بين الناس، وما عرف به من كرم وإثار؛ لأجل ذلك فإن من يمارس الكرم كثير، ولكن الكرماء قولاً وفعلاً ظاهراً وباطناً قليل.

* يؤكد ذلك ما حفظ التاريخ قديماً وذاكرة المجتمع حديثاً من أسماء الكرماء، الذين يُضرب بهم المثل في الكرم، وما خُلِّدت أسماؤهم إلا لصدقهم، وإلا فكم عبر في سماء الكرم من أسماء لم يحسنوا التعامل مع هذه الصفة الكريمة، ولم يصدقوا فيما أظهروه من نوايا الكرم، فكان أن عبرت أسماؤهم إلى حيث النسيان، بل إن بعضهم انتهى إلى حيث تلك النهاية (العبرة).

* فرق كبير بين الكرم، والهياط، بين الكرم كصفة في الشخص، وبين الكرم ادعاء، وعقدة نقص، ولأن الكرم كصفة ليست في معزل عن سطوة (الدخلاء) فإنه يجري عليها ما يجرى على كل تلك الصفات السامية من وجود عينات من (المتسلقين)، الذين يعانون من عقد نقص لا مجال لهم معها إلا (التشبه) بأهل الكرم مظهراً أما (المخبر) فليس لهم إليه سبيل؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وصوت (الزير) العالي لم يكن لولا بطنه (الخالي)، وعليه فلا مجال أمامهم إلا إشباع (المظهر)، وحتى يكتمل المشهد فلابد من حضور (الفلاشات)، وتعدد زواياً اللقطات، ولا مانع من تنميق العبارات ترحيباً بضيف وضعوه بهياط كرمهم في موضع (الإحراج).

* وهنا يحضرني موقف ذلك الضيف، الذي ضاق بما ارتفع من حوله من جوالات، فجاءت ردة فعله -نتفق أو نختلف معه فيها- إلا أنها تمثل رفضاً لسلوك دخيل على الكرم وأهله، فليس من سلوك الكرماء وعاداتهم الحديث عن إكرامهم لضيوفهم أو مدح نفوسهم بذلك أو كما هو شائع اليوم بكل أسف (تصويرهم) على طريقة (شوفوني كريم)، وصولاً إلى حقيقة أن المتغطي بالفلاشات بما ليس فيه من صفات عريان.. وعلمي وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store