Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

ولي العهد.. يضيء طريق المستقبل

A A
من جديد، استطاع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن ينال إعجاب متابعيه واستحسانهم؛ وهو يضع النقاط على الحروف خلال لقائه مع مجلة «أتلانتيك» الأسبوع الماضي، حيث اتسمت إجاباته بالوضوح والشفافية، فوضع الصورة كاملة أمام محاوره؛ الذي امتلك كامل الحرية في طرح ما يُريده من أسئلة، دون أن يطلب سمو ولي العهد رؤيتها قبل إجراء الحوار، كما هي عادة كثير من الرؤساء والمسؤولين، لكن أميرنا الشاب لم يعر ذلك أهمية، لأن واثق الخطوة يمشي ملكاً، كما يقولون، فما بالك بمَن هو سليل الملوك وحفيدهم؟.

ورغم أن كثيراً من الأسئلة كانت تحمل في باطنها فخاخاً إعلامية؛ الهدف منها تحقيق سبق صحفي، إلا أن الأمير الشاب استطاع بهدوئهِ وأدائهِ الواثق أن يقود دفّة الحديث كما أراد، دون أن يبدي تبرماً أو ضيقاً من الأسئلة المتلاحقة، بل كان على العكس هادئاً، وعلى استعداد للإجابة عن أي سؤال، مهما بلغت دقته وخصوصيته.

هذه الثقة والهدوء استمدَّها ولي العهد – بعد توفيق الله – من ثقته في السند الشعبي الكبير الذي يجده من مواطنيه، والتأييد الواسع من كافة السعوديين الذين يرونه يقرن الليل بالنهار لأجل إسعادهم، ويُشاهدونه وهو يطرق كل باب يؤدي إلى ما فيه مصلحتهم ورفاهية أجيالهم المقبلة، لذلك بادلوه حباً بحب، وقابلوا مساعيه بالولاء والانتماء.

الحوار بصورةٍ عامة؛ تناول كل ما يمكن أن يخطر على البال، لذلك من المستحيل التعليق عليه في هذه المساحة، لكن أبرز الإشارات التي تحدَّث عنها أمير الرؤية - من وجهة نظري - هي توضيحه بأن العلاقة بين المملكة والولايات المتحدة ينبغي أن تقوم على أساس الاحترام المتبادل، وإعلاء المصالح المشتركة، وتأكيده الصريح بأن لغة التهديد ومحاولة ممارسة الضغوط؛ لن تجدي نفعاً مع دولة بحجم المملكة العربية السعودية، التي تأتي في صدارة الدول الأكثر نموا في العالم.

هكذا وبكل وضوح، حدَّد سمو ولي العهد المسار الذي ينبغي أن تسلكه علاقات المملكة مع الآخرين، وأن السعودية إذا كانت تبني علاقاتها مع بقية دول العالم من منطلق احترام خصوصياتها؛ وعدم التدخل السالب في شؤونها، فإنها تفعل ذلك من تلقاء نفسها، وتتمسك بأن يُعاملها الآخرون بنفس الطريقة، وأن التدخل في شؤونها الداخلية ومحاولة التأثير على قراراتها السيادية، هو خط أحمر، لا ينبغي لكائنٍ مَن كان الاقتراب منه، أو محاولة تجاوزه، لأن ذلك ببساطة مرفوض ومحكوم عليه مسبقا بالفشل.

كذلك كانت الإشارة الأكثر أهمية؛ إلى التنوع الذي تعيشه المملكة، ومنهج الاعتدال الذي تتبنَّاه، فالأمير محمد جدَّد التأكيد على حقيقة أن القيادة السعودية تتعامل مع كافة مواطنيها من منظور المواطنة الصالحة فقط، دون اعتبار لأي انتماءات قبلية أو مناطقية أو مذهبية، معلناً بصرامة وشفافية أنه لا تهاون مع كل ما يُهدِّد الأمن والوئام المجتمعي الذي تعيشه بلادنا بحمد الله.

لم ينسَ عرَّاب الرؤية التأكيد على أن رؤية المملكة 2030 بدأت تظهر نتائجها التي يحسها المواطن في معيشته اليومية، وأن الفترة المقبلة سوف تشهد المزيد من النجاحات وقطف الثمار، مشدداً على أنه ليس بإمكان كائن من كان أن يوقف سير تنفيذها، أو يعوق خططها.

وكما ذكرت، فإن من غير الممكن التعليق على كافة الجوانب التي تطرَّقت إليها المقابلة، لكن كان لافتاً أسلوب ولي العهد في الإجابات السريعة على مختلف الأسئلة، فقد كانت ردوده قوية ومقنعة ومنطقية، وتنم عن قيادة محنَّكة ومسؤولة، تُدرك حجم المخاطر التي تُحيط بالمنطقة، ومُغلَّفة بروح القيادة والقدرة على قراءة المشهد السياسي الإقليمي والدولي قراءةً صحيحة، وهي سمات ظلت ملازمة للأمير الشاب.

اللقاء حظي بتغطية إعلامية واسعة، حيثُ لم تكد تخل منه صحيفة أو فضائية، وربما يعزو البعض هذا الاهتمام؛ للمكانة الرفيعة التي تحظى بها المملكة، بوصفها الدولة التي تسيطر على صناعة النفط في العالم، وقوتها الاقتصادية الكبيرة التي جعلتها قبلة للمستثمرين من مختلف الدول، إضافةً إلى ما تتمتع به من مكانة روحية لدى أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، بوصفها حاضنة الحرمين الشريفين، وأرض الرسالة الإسلامية، لكن كل ذلك يُضاف إلى الحِكمة التي تحدَّث بها سمو الأمير محمد بن سلمان، وقدرته الفائقة على تقديم إجابات مقنعة تُزيل اللبس والغموض، وتُقنِع الآخرين.

كثيرون هم القادة الذين يحظون بالقدرة على تقديم إجابات شافية، لكن قلة هم الذين يستمدون تلك الردود من توجُّهات شعوبهم وتطلعاتها، والذين آتاهم الله القابلية لترجمة أحلام مواطنيهم إلى حقائق، وتلبية رغباتهم وتنزيلها على أرض الواقع، وهو ما منّ به الله على هذه البلاد، عندما منحها القيادة الرشيدة.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store