Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

الإثارة الصحفية وأخلاقيات المهنة

شذرات

A A
يُجمع المختصون بالشأن الصحفي أن أسلوب الإثارة هو أمر قد عفا عليه الزمن، وأصبح الناس حتى في المجتمعات الغربية ينفرون من ترويج بعض الصحف للعنف ونشر الجريمة أو استخدام الجنس أو الآراء الشاذة التي تتعارض مع عقائدهم، وكلها أساليب مرذولة، لأنها لا تعتمد على المهنية ولا تحترم القراء الذين يتطلعون إلى الشيء ذي القيمة والفائدة.

ويلاحَظ بين حين وآخر وجود إعلاناتٍ في مكان بارز للترويج لمستحضر اكتُشف حديثاً لتحسين الأداء أثناء العلاقة الزوجية، وغير ذلك من الأساليب الرخيصة التي تتنافى مع أبسط أخلاقيات مهنة الصحافة.

إن ثوابت الدين ليست بضاعة في سوق استطلاعات الرأي ولا يمكن تصنيفها ضمن حرية الرأي، فالثوابت لا يمكن تجاوزها، وعلى الصحيفة أو وسائل الإعلام الأخرى أن لا تُعين على المجاهرة بالمعصية.. وهناك نماذج جميلة وكريمة لأدب التعامل وأخلاقيات الكبار.

إنها مسؤولية وأمانة لكل كاتب يمسك القلم، أو خطيب يقف على المنبر أن يتذكر الحديث النبوي الشريف، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد ليتكلَّم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفع الله بها له درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يَهوي بها في جهنم».

والويل للصحيفة أو وسائل التواصل الأخرى التي ينصرف عنها كرام القوم وأفاضل القراء لأنها اختارت أن تتعامل مع القلة التي تبحث عن الفحش وتتبُّع مصائب الناس وعوراتهم.

إن انتشار الصحافة الصفراء الزائفة، وصحافة (التابلويد) التي تبحث عن الإثارة والفضائح والترفيه وأخبار المشاهير (الناعمة)، يكشف عن حجم التراجع في البنية الإعلامية وسطحية العاملين فيها والذين لا يعنيهم واقعية المحتوى بقدر ما يعنيهم الوصول الى مآربهم في استهواء الرأي العام في مجتمعاتهم ولو من خلال التزييف وشيوع التلوث الأخلاقي!.

تركيز الوسيلة الإعلامية على الإثارة ولو بالتضليل والخداع سيؤدي لا محالة الى فقدانها لوظيفتها الأساسية في تشكيل الرأي العام الناضج تجاه القضايا المحورية وطرق التعاطي معها، الأمر الذي يستدعي وضع قوانين ضابطة تمنعُ هذا الانحرافَ في الرسالة الإعلامية وتَحوْلُ دون تلاشي ثقة الجمهور في الإعلام بعد اكتشاف الحقيقة.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store