Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

موازين القوة الناعمة لعام 2022

A A
أصدرت مؤخرًا شركة Brand Finance تقرير «المؤشر العالمي للقوة الناعمة 2022»، وذلك بالتزامن مع انعقاد القمة العالمية للقوة الناعمة، وتضمَّن التقرير الكثير من التفاصيل الجديرة بالاهتمام، والتي لا يتسع المجال لذكرها جميعها، وسوف أكتفي هنا بالتعليق على بعضٍ منها.

النقطة الأولى التي أود الإشارة لها هي محافظة المملكة على مركزها الذي حصلت عليه العام الماضي، وهو المرتبة 24 من بين 120 دولة تضمَّنها التقرير، وهو أمر رغم إيجابيته لا يعكس واقع أفضلية المملكة عن كثير من الدول التي تقدَّمت عليها في المؤشرات الرئيسة الثلاث، وهي: الألفة familiarity والسمعة reputation والتأثير influence. إضافةً للأعمدة السبعة للقوة الناعمة، والتي تشمل: الأعمال والتجارة، الحوكمة، العلاقات الدولية، الثقافة والتراث، الإعلام والاتصال، التعليم والعلوم، الشعب والقيم.

فالمملكة تمتلك - كما ذكرت - أفضلية في معظم هذه الجوانب، ومن الواضح أن هناك مساحة كبيرة للمزيد من التطوير والتقدُّم، علماً بأن 11 دولة من الدول التي تقدَّمت علينا في الترتيب؛ نجحت هذا العام في القفز خطوات عديدة للأمام، تجاوز بعضها 10 مراكز.. وقد تقدَّمت الإمارات من المرتبة 17 للمرتبة 15، فيما تقدَّمت تركيا من المرتبة 27 للمرتبة 22، وتقدَّمت إسرائيل من المرتبة 25 للمرتبة 23.

لا جدال بأن هناك جهوداً ضخمة جداً تبذلها الجهات المتعددة المعنية بمصادر قوتنا الناعمة، ولكن هناك نقطة هامة ذات علاقة خصص لها أحد الخبراء المشاركين في التقرير وهو الدكتور «بول تيمبورال» من جامعة أوكسفورد، مقالاً مطولاً (صفحة 106)، أقتبس منه ما يلي:

((قليل من الدول لديها إستراتيجيات شاملة ومدمجة لعلامتها الوطنية، وهذا الأمر يتسبَّب في الحد من فرص نجاحهم.. فبالرغم من قيمة القوة الناعمة القابلة للقياس، إلا أن العديد من الدول لا تزال تتعامل معها بطريقة ردود الأفعال التكتيكية، وليس الإستراتيجية.. وينتج عن ذلك؛ الاختيار الخاطئ للعلامة، وعدم ملاءمة إدارة هيكلة العلامات، ويحدث هذا نتيجة صعوبة إقناع جميع أصحاب العلاقة بالعمل - كفريق واحد - لصياغة وتنفيذ إستراتيجية موحدة للقوة الناعمة.. والحل الوحيد هو بناء هيكل إداري عالي المستوى، ومنحه القوة لفرض التغيير، وهناك عدد من النماذج، منها في كوريا الجنوبية «المجلس الرئاسي للعلامة القومية»، والذي أُنشئ عام 2009 بسبب تصنيف كوريا في المرتبة 39، رغم كونها في المرتبة 13 اقتصادياً.

المجلس يتكون من 47 عضواً، منهم 8 وزراء و31 عضواً من القطاع الخاص.. ويرجع الفضل لهذا المجلس في تقدُّم كوريا اليوم للمرتبة 12 عالمياً)).

هذا الحل مهم جداً، وسبق لي وصفه بأنه القاعدة الأهم في قائمة القواعد الذهبية العشر للدبلوماسية العامة، مشيراً إلى أنه مع تزايد وتعدد الجهات التي تمارس مهام توظيف القوة الناعمة في المملكة، فإن من الضروري وجود هيئة عليا قادرة على رؤية الصورة كاملة، والعمل على تجنب أي ازدواجية في الرسائل، إضافةً لتجنب الهدر المالي غير الضروري. وهذا بطبيعة الحال لا يعني أن هذه الهيئة سوف تمارس أنشطة القوة الناعمة نيابةً عن الجهات المختلفة، ولكنه يعني إيجادها لرؤيةٍ واحدة بعيدة المدى، وضمان المزيد من التنسيق والتناغم بين الجهات، وتقييم أدائها بحيادية، ووفق معايير دقيقة موحدة.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store