Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

الظروف الاجتماعية.. والنجاح

A A
* ليس من المروءة، تحفيزُ جمهورِ الناسِ المقهورين والمغلوبين والفقراء والكادحين، وأصحابِ الظروف الاجتماعية والاقتصادية والنفسيّة الصعبة، بأمثلةٍ من نوادر المُبدعين الناجحين، وبعضِ الأغنياء والمُتنفّذين، الذين نجحوا لاختلافِ ظروفهم الاجتماعية وأفضليّة فُرصهم المُواتية، عن كثيرٍ من المحرومين.

* بعضُ النصائح الإيجابية، تنطلقُ من أُناسٍ مُرفّهين مُترفين غيرِ واقعيّين، وقد تحوي نصائحهم إغاظةً للمحرومين وأصحابِ الظروف الصعبة، والفقراء المقهورين، ولهذا ينبغي على أولئك أن يشكروا الظّروف الاجتماعية التي أفرزتهم ودعمتهم، فمشاركتُهم الشّخصية في صنع نجاحاتهم ليست سوى مشاركة متواضعة جدّاً، إنّهم يُنظّرون على غيرهم بمثاليّات عالية، وهم أنفسُهم يتبعون الواقعيّة العمليّة الواطئة!.

* كثيرٌ من الناس، هم نتاجُ المفاهيمِ الخاطئة والمضطربة، ورداءةِ التعليم واختلال التربية، وسوءِ الاختيار المبني عليها جميعاً، فضلاً عن بعض العُقَد النفسية، وتكريسِ نمط حياةٍ يتجاهل حرّياتهم ورغباتهم، من أجل أن يرضى عنهم الآخرون. يقول (تولستوي): «العقبةُ الأولى في وجه تطوّر الفرد، هي العائلة».

* من أسوأ الأوضاع شدّةً وقهراً وبؤساً وشقاءً على الإنسان، أن تُجبره الظروف الحياتيّة على معاشرة أُناسٍ ذوي طباعٍ مُختلفة، وميولٍ مُتباينة، وغاياتٍ مُتضادة، ومفاهيم مضطربة، وعقول مُتعاكسة، وشخصياتٍ مريضة.. إنّه الجحيم نفسه!.

* بإمكانك التحدّث عن المواهب الفرديّة والمَلكات الفكريّة، لكن الظروفَ الاجتماعية هي الأهم والأساس في تحديدِ مصيرك، واختياراتك، وأحوالِك، وحتى أخلاقك وسلوكياتك.. إلّا أنّ فهمك هذا لا يعفيك من محاولة التّعاطي الصحّي مع ظروفك، والعملِ على تغييرها وتجاوزها، وضبطِ تفكيرك وانفعالاتِك، ففي النهاية، أنتَ نفسك جزءٌ من تلك الظروف.

* يبدو أنّ معظم الناس ليسوا سُعداء، فالظروفُ الاجتماعية والاقتصادية والسياسيّة العالميّة، أسبابٌ قهريّة لغياب الطُّمأنينة وانتشار القلق والخوف.. إنّه التعاملُ مع المجهول الذي يضيّق الخناق على الرُّوح، ويبعث على التملمُل والتوجّس.. ما يحتاجُه العالم، تحسينُ الظّروف الاجتماعية والاقتصادية، وتكريسُ العدالة والحرّية، لزيادة مشاعرِ التعاطف والرحمة، والحدّ من مشاعر الهمَجية والتوحّش والأنانية.

* وختاماً، يُرجى من حضراتِ السّادة الأغنياء والمُترَفين، وأصحابِ الجاه ووفرة المال والإمكانات، التكرّم بخفضِ أصوات ترَفهم الفكري والاجتماعي، ومراعاةِ مشاعر المُعدَمين، والبؤساء، والفقراء، والكادحين، وأصحابِ الظروف السيّئة، فهم يُحاولون النّوم متوسّدين معاناتِهم وشقائهم، بعيداً عن ضجيجِ القهر وصخَب الاستفزاز.. وشكراً لحضراتكم!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store