Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

العاجزون عن التنظير.. عاجزون عن التطبيق

A A
حين هممتُ للكتابة عن كلمتي «تنظير» و»مُنظِّر»، وكيف تحوَّلتا إلى صفاتٍ سلبية نتيجة استخدامهما من قِبَل البعض -عن جهلٍ أو قصد- كشكلٍ من أشكال الذم، أو محاولة وأد الأفكار والرؤى التي يعجزون عن فهمها، أو حتى عن تطبيقها، وجدتُ أن كثيراً من الكُتَّاب سبقوني بإيفاء هذا الموضوع حقه بمقالاتٍ وضعوا فيها كثيراً من النقاط على الحروف.

ونظراً لأهمية الموضوع، سأُورد فيما يلي بعضاً مما ورد في مقالات الزملاء تلك: يقول حمزة السالم في مقال له بعنوان «لو عرفنا التنظير لسبقنا اليابان»: «العرب عموماً ابتعدوا عن المنطق وعن إدارة أمورهم لقرونٍ طويلة، فلما عادوا استخدموا الألفاظ المستخدمة في الغرب بعد تحريف معانيها، بما يتناسب مع توجهاتهم وأغراضهم. فاستخدم لفظ التنظير، ووصف المُنظِّر لإخماد أي فكر تخطيطي يخرج في المجتمع، لكي لا تظهر به عورات القرارات الإدارية.. لا يمكن أن يوجد تطبيق ناجح لا يسبقه تنظير. فهو كتشخيص الطبيب الماهر الكفؤ للمرض قبل إعطاء العلاج، فتراه يسأله حتى عن تاريخ أجداده في أمراض لا يبدو لها علاقة بالمرض القائم، ثم بعد ذلك يكون تشخيص المرض، ثم وضع خطة علاج، ثم التنفيذ يكون على يد الجراح أو الصيدلاني».

ويقول د. نارت قاخون في مقاله بعنوان «بلا فلسفة وكثرة تنظير»: «بمثل هذه العبارة وأخواتها يحتفل عدد كبير من النّاس في واقعنا العربي؛ فتجدهم يصفون الكلام الفارغ بـ «الفلسفة»، وإذا أرادوا ذمّ أحدهم قالوا: «بدأ يتفلسف»! أو يقولون: «ما أحسنه في التنظير!» في سياق الذمّ والقدح، إشارةً إلى أنَّ النّظريات ليست إلا كلاماً فارغاً منفصلاً عن الواقع والحياة. وفي مثل هذه العبارات جملة كبيرة من المغالطات التي يُمكنها أن تشخّص بوضوح أزمتنا العقليّة والمعرفيّة».

وكتب عبدالعزيز سليمان مقالا بعنوان «التخطيط بين التنظير والتطبيق» قال فيه: «يعتبر التنظير والتطبيق بمرتبة واحدة من الأهمية، فلا تنظير من دون تطبيق، ولا تطبيق من دون تنظير، فالأولى تأتي وضعها بسبب ما أتت لمعالجة خلل واقع فعلياً، والأخرى تأتي تبعاً للأولى، فالأهم هو بذل الجهد بالمزج بين الأمرين».

وأخيراً، كتب مشاري الذايدي مقالا بعنوان «بلاش تنظير علينا» يقول فيه: «نحتاج إلى التنظير الحقيقي لخدمة الرؤية العربية السياسية والحضارية، خصوصاً الرؤية السعودية، لخلق نظرية حولها، تحميها من الاستهداف الخارجي والتسطيح الداخلي.. الفكرة أولاً... ثم تأتي بقية الأشياء».

هذه المفاضلة الجائرة بين التنظير والتطبيق هي في الواقع امتداد لمفاضلات أخرى خاطئة؛ دأب بعضنا على ترديدها إما جهلا، أو تطبيقا للمثل الشعبي القائل: «كلا يحوش الضو لقريصه»... ومنها مثلا:

- المفاضلة بين التوعية والقوانين.

- المفاضلة بين الانضباط والإنتاجية.

- المفاضلة بين التعليم والمهارة.

وخلاصة القول هي أن العاجزين عن التنظير عاجزون عن التطبيق.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store