Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

(منهو فناننا؟!)

A A
منذ انتهاء الكوميديا مع (طاش ما طاش) و(إخواني وأخواتي)، و(بيني وبينك)، فقدنا ذلك النجم الذي يمثل قيمنا وعاداتنا، ونُسب للدراما الكوميدية المحلية فنانون أشغلونا حزة الفطرة بفنهم الهابط الذي يعتمد الرقص والتقليد، ومع أننا أبدينا السخط وعدم الرضا والتشكيك في أنهم ينتمون الينا، إلا أننا اضطرننا الانتظار سنوات طويلة بحثاً عن: ذلك الفنان الذي يشبهنا، ذلك الفنان الذي يسبر أغوار قضايانا، ذلك الفنان الذي يأسرنا بتلقائيته وعفويته، ذلك الفنان الذي نطمح بأن ينسينا مسلسلات المقاولين القائمة على التهريج والشللية والابتذال و(الأفورة)!

لن أبالغ إن قلت بأن العمل الرمضاني الوحيد الذي يستحق المشاهدة رغم الهفوات التي تخللته، هو مسلسل (منهو ولدنا)، والفضل يعود للأداء المبهر للممثلين والممثلات السعوديين، وعلى رأسهم (جوكر الكوميديا السعودية) إبراهيم الحجاج، الذي أحيا الأمل بعودة الأعمال المحلية للواجهة.

وحتى لا أتهم بالمجاملة، كان ينقص هذا العمل الحبكة الدرامية والسيناريو المتقن الذي يمكنه توقع ملاحظات المشاهد وتناولها تباعاً، ومن أهم المآخذ عليه؛ الاعتماد على ادعاء الممرضة، وإجراء تحليل الحمض النووي DNA دون اللجوء للمحكمة المختصة لإصدار صك (إثبات بنوة) تعدل بموجبه الهوية الشخصية، وقبل ذلك كله فإن (ريان) يشبه في ملامحه أبوه اللي رباه، وحتى بعد ما لبس وحلق ونظف واستلم الفيزا والمرسيدس يظل حده (البقالة) و(شقة بتبوك قريبة من الأردن)!!

وكي أكون منصفاً، فإن الجوانب الإيجابية في (منهو ولدنا) تطغى على سلبياته، ويكفيه أنه يعد المسلسل المحلي الوحيد الذي تطرق لعدد من القضايا العمالية والاجتماعية، ومن أهمها؛ ظاهرة الفصل الجماعي للموظفين السعوديين بالقطاع الخاص، عزوف أو تأخر الشباب عن الزواج، ساعات العمل الطويلة، تفاوت الطبقية، تسلط المشرف الأجنبي على أبناء البلد، كذلك حقد وكيد بعض المجنسين تجاه من يحسن إليهم، بجانب المواهب المهدرة كأخطبوط العود (ريان)!

سر تهافت الناس على المسلسل يذكرنا بـ(ليالي الحلمية) و(صعيدي في الجامعة الأمريكية) التي سجل كل منها ولادة جيل من الفنانين تقلدوا بعدها أدوار البطولة، ولقصر المساحة سأختار أربعة فنانين أسهموا بنجاح العمل؛ الفنانة هند محمد التي لعبت دور الأم بكل براعة، الفنان سعيد صالح الذي تقمص بحرفية عالية كركتر المشرف الأجنبي، الفنانة خيرية أبو لبن التي نجحت بدور الموظفة البسيطة والمثابرة، وطبعاً بطل العمل (ريان) الذي أبهر المشاهدين بأداءه الهليودي والذي نتوقع معه تهافت شركات الإنتاج عليه ليصبح (نجم الشباك الأول). كل ما يحتاجه الفنان ابراهيم الحجاج لاكمال نجاحه؛ عدم قبول العروض التي ستنهال عليه لأجل القيمة المادية وإنما لأجل القيمة الفنية، التفكير في تغيير (اللوك) تدريجيًا للعب الكركترات المتنوعة، الحذر من الغرور لأنه مقبرة النجوم، وعدم الاقتداء ببعض النجوم الذين سبقوه ممن بدأوا مسيرتهم ممثلين بارعين، وانتهوا مقلدين سمجين لمشاهير السوشيال ميديا!! وأخيراً، فإنني أتوقع بأن الحلقة الأخيرة من مسلسل (منهو ولدنا) سيعود فيها (ريان) لفقره، ويعود (بندر) لقصره وشركته -بعد إجراء التحاليل رسمياً- أو كشف الأم للعبتها الهادفة مع سائقها وكاتم أسرارها، والتي ربما أرادت منها تلقين ابنها درساً قاسياً لتعاليه وظلمه موظفيه، المهم أننا نحن المشاهدين وجدنا بعد كل هذه السنين العجاف ابننا إبراهيم الحجاج، هذا الفنان الذي يشبهنا، هذا الفنان الذي يسبر أغوار قضايانا، هذا الفنان الذي يأسرنا بتلقائيته وعفويته، هذا الفنان الذي يعد الإجابة الشافية لسؤالنا الحائر (منهو فنانا)؟!


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store