Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عبدالله صادق دحلان

هل ستختفي ظاهرة التسول؟

A A
صدر النظام الذي كُنَّا ننتظره منذ زمنٍ طويل، (نظام مكافحة التسول)، وكانت تُوَاجَه مطالبنا بهذا النظام بردّة فعل معاكس -وعنيفة أحياناً- من بعض أصحاب القلوب الضعيفة، الذين ينظرون إلى المتسولين بأنهم الطبقة الفقيرة التي لم تجد قوت يومها لسدّ احتياجاتها الأساسية من الغذاء والعلاج، وأن المتسولين أصحاب حق، واجب علينا العطف عليهم، ودفع بعض من المبالغ النقدية لهم، مما دفع ظاهرة التسول إلى التحول من التسول لسد الحاجة للعيش إلى المتاجرة بالمتسولين لجمع الأموال لصالح جماعات منظّمة تُسخّر الأطفال وكبار السن والنساء والمعاقين لاستدراج عطف الميسورين وضعاف القلوب لجمع الأموال منهم، وأصبح التسول مهنة لبعض الأشخاص غير السعوديين وغير النظاميين بوسائل متعددة، وفي أماكن مختلفة، حتى أصبحت مهنة التسول احترافية، فبدأت من أبواب المساجد، وبعد صلاة الجمعة يصطاد المتسولون بعض المصلين أصحاب السيارات الفارهة -من وجهة نظرهم- وينتظرون خروجهم من المساجد ومتابعتهم بطرق مستفزة، كما يبحث بعض خبراء التسول عن إعلانات العزاء، ويتجهون إلى مقرِّهِ، وعلى وجه الخصوص للعوائل الكبيرة والمتوسطة، ليُتابعوا المعزين منذ دخولهم إلى خروجهم من العزاء، ويتكرر نفس الأشخاص في معظم مراسم العزاء، وعلى وجه الخصوص عزاء التجار والأغنياء والمسؤولين. ويتخصص البعض الآخر من المتسولين في التسول أمام الأسواق التجارية، وأمام الماركات العالمية، أو أجهزة الصرف النقدي الآلي، أو بجانب المطاعم المشهورة.

وانتقلت عدوى التسول إلى العمالة، وعلى وجه الخصوص عمالة شركات النظافة في الشوارع داخل المدن، والتي تتسابق على النظافة بجانب السيارات في المواقف العامة وأمام المستشفيات والمراكز التجارية. فعلاً لقد كانت ظاهرة التسول غير حضارية في المدن الكبيرة، وفي الحرمين، وأصبحت تجارة رابحة لأصحابها، وأجزم أنها طرق احتيال غير شرعية للكسب غير المشروع، وأن إعلان الأمن العام حظر التسول بكافة صوره وأشكاله، مهما كانت مسوّغاته، وحظر التسول عبر منصات التواصل الاجتماعي يعتبر محظوراً وفق نظام التسول الجديد؛ الذي بدأ سريانه منذ شهرين، والذي أوكل المهمة لوزارة الداخلية بالقبض على المتسولين وإحالتهم إلى الجهات المختصة للتحقيق معهم حسب النظام، وتتولى النيابة العامة التحقيق في المخالفات الواردة في النظام، وإقامة الدعوى أمام المحاكم، وشكراً للدولة التي خصصت الجمعيات الخيرية لمساعدة الفقراء منعاً من التسول.

وأخيراً أتساءل: هل ستختفي ظاهرة التسول في شهر رمضان، أكبر موسم تسوُّل خلال العام، حيثُ تشد إليه رحال المتسولين من داخل وخارج المملكة؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store