Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

التعويض عن الكعكة الإيطالية!!

A A
قبل العيد مباشرةً، عوّض الجيش الأمريكي امرأة إيطالية كان جنود أمريكيون جائعون قد سرقوا قبل ٧٧ سنة -يعني خلال الحرب العالمية الثانية- كعكة شهية قد خبزتها بأناملها لعيد ميلادها الثالث عشر، ووضعتها على حافّة نافذة منزلها آنذاك كي تبرد!.

فأهداها الجيش بعد كلِّ هذه السنين بدلاً منها كعكة جديدة من نفس النوع في عيد ميلادها التسعين، وكتب عليها: عيد ميلاد سعيد باللغة الإنجليزية «Happy birth day to you» وباللغة الإيطالية «Boun compleanno» فذرفت العجوز الإيطالية -يا حرام- أنهاراً من دموع الامتنان، وشكرت الجيش على عمله الإنساني النبيل!.

أمّا أنا، فأقول إنّ للغربيين عموماً، ومنهم الأمريكيون بالطبع، ذاكرة حديدية تُشبه ذاكرة الكمبيوتر العملاق، بل أمّ الذاكرات، ومهمّتها استحضار اللقطات البشرية حول العالم التي شاركوا هم بها، وتعويض أصحابها في حالة اقترافهم فيها أيّ هفوة ضدّهم مهما كانت صغيرة، حتّى لو كانت هفوة مُبرّرة مثل السرقة الناشئة عن الجوع الذي مسّ الجنود الأمريكيين عندما رأوا الكعكة، وهم أصلاً قد دخلوا بلدة المرأة للدفاع عنها ضدّ الجيش النازي الألماني، لكن سبحان الله، إذ سُرعان ما «تتفرمل» ذاكرتهم عندما ترسو سفينة الموضوع بعيداً عنهم، بل وتتعطّل إن كانوا قد اقترفوا ما هو أكبر من هفوات سرقة الطعام مثل سرقة ثروات الشعوب؛ والجرائم في معظم دول العالم غير المنتمية للغرب، خصوصاً دول العالم الإسلامي، وهناك الكثير من السرقات التي سرقوها، ما يجعل كعكة العجوز الإيطالية قطرة واحدة في بحرٍ لُجّي، ومن الجرائم التي تستلزم التعويضات المُستحقّة عليهم بسببها، ما يجعلهم يستمرون في دفعها إلى يوم القيامة؛ إن كانوا حقاً ينشدون الخير والإنسانية، ولا تكفي موسوعات لسرد سرقاتهم وجرائمهم التي لم يُعوّضوا عليها أحدًا، ولو بجزءٍ من مئة جزء من الدولار!.

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وختمت كلامها المُباح، بأنّ نفاق الغرب مستمر حتّى تاريخه، وأوكرانيا هي أحدث دليل، موديل ٢٠٢٢، فلماذا مساندة دولة مُحتلَّة في مكان، ومساندة دولة احتلالية في مكان آخر؟! ويا أمان العالم، ويا أمان المسلمين من ذوي الوجه الإنساني الظاهر، والقفا المتوحّش الباطن!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store