Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

تنويع المصادر وثقافة الانتشار..!

A A
تنويع المصادر وثقافة الانتشار من شروط العولمة وتبادل المصالح بين الدول والمجتمعات، وكما قيل حول كيفية العلاقات الدولية «لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة» فإن التنويع يضمن درجة من المنافسة ويدفع الأطراف المعنية بالتفكر والتمعن في الأفضل والأنسب جودة وسعرًا واستمرارية، ولذلك أصبح تعدد المصادر من أركان التطور والتعلم والاستمرارية للأفضل والأصلح والأنسب لأن الرهان على مصدر واحد يعد اعتمادية منقوصة ومحفوفة بالخطر فيما لو توقف المصدر لأي سبب من الأسباب.. ومع تقارب التشابه والتقليد في المنتجات تصبح ضرورة سباق البحث عن الأفضل من محفزات التنويع والأسواق تعكس ذلك بوضوح يراها المتابع والمتفحص في السلع المعروضة يقارن ويختار الأنسب والأصلح لقضاء حاجته وتلبية طلب استخدامه.. وفي عصر العولمة أصبحت الخيارات متاحة ومفتوحة للجميع والفارق القدرة الشرائية وخدمة ما بعد البيع.

قبل أربعة عقود كانت المنتجات الأمريكية والأوروبية متفوقة على غيرها وبعد التطورات النوعية التي حققتها اليابان على وجه الخصوص في صناعة المواد الاستهلاكية بكل أصنافها من سيارات ومكيفات وقطع غيار وأدوات البناء وحدث ولا حرج أصبح مستوى الجودة متقارب جداً والفارق في الأسعار يعطي ميزة تنافسية تفضيلية عالية لجيب المستهلك.. ومع مرور الوقت تطورت الجودة وتقاربت الأسعار إلى حد كبير وتبقى بيئة الإنتاج وقوانين الصناعة وأجور العمالة وساعات العمل مقياس يحدد سقف الإنتاج والأسعار والفارق التقني.

انفتاح الصين على العالم أحدث ثورة تطور هائل في الصناعة وسرعة الإنتاج، وفي وقت قصير تطورت الجودة بل إن مصانع كثيرة فتحت لها فروعًا أو انتقلت بالكامل من أمريكا وأوروبا الى الصين وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأمريكا الجنوبية بسبب جاذبية تكلفة العمالة والمواد الأولية وسرعة الإنتاج وقلة هامش الأرباح والأسعار لصالح المستهلك، وقد شكل ذلك نقلات نوعية في التنمية وسلوكيات المستهلك في كل الدول والمجتمعات وفك طوق الاحتكار الذي فرضته أوروبا وأمريكا خلال القرن العشرين، وفي نهاية القرن انفكت الغمة وأصبح سقف البدائل والتنافس هو الفيصل في كل الأسواق وعلى كل المستويات وشعار تنوع المصادر مرفوع عاليًا في كل مكان.. ويبقى هناك بعض المواد الاستهلاكية والإستراتيجية تميزت بها دول على غيرها مثل مواد الطاقة وصناعة الطائرات والأسلحة والدواء وتحولت المنافسة إلى مستوى الحفاظ على المصادر ونسبة الحصص في الأسواق العالمية رهانات كل الدول المتفوقة علميًا تسعى للفوز بها وتبقى ثورة المعلومات مع نهاية القرن المنصرم وبداية الألفية الثالثة الانبهار العظيم الذي حققه الانسان بكل ما توفره من تقنية المعلومات من مرونة وسرعة وخدمة أصبح لا غنى عنها بسيطرتها وفوائدها الميسرة على قضاء حاجة الانسان في كل مكان برًا وجوًا وبحرًا.. من خلال الهاتف النقال يتم التواصل والبيع والشراء وتحويل الأموال وإبرام الصفقات والتوصيل من خلال المكاتب الافتراضية التي تعمل بشكل آني وموثوق بكل يسر وسهولة.

وفيما يخص المواد الإستراتيجية مثل الطاقة والأسلحة والغذاء فإن التحالفات المتعارف عليها بين الدول والأقاليم في ظل الصراعات والحروب التي يشهدها العالم أصبح تنويع المصادر وخيارات البدائل تضغط على الدول التي تعتمد على الغير لتنويع مصادرها حتى لا تبقى رهينة مصادر غير مضمونة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store