Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

استفسار وجواب

A A
استفسرت حفيدتي عن الآية القرآنيَّة الكريمة: (يَا أَيُها النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) التي تتصدَّر بوَّابة مبنى وزارة خارجيَّة المملكة في الرياض، أجبتها بأنَّ من أولى متطلَّبات العمل الدبلوماسي، ولغرض تزويد منسوبيها الجدد بالتقوى لكونها من مكارم الأخلاق في الإسلام، والتحلِّي بها قولًا وعملًا.. فهم بعد استكمالهم دورات المعهد الدبلوماسي، وتعرُّفهم على طبيعة المهام التي تنتظرهم في مقار البعثات الدبلوماسيَّة والقنصليِة للمملكة، عليهم التعايش مع مجتمعات قد تكون غالبية أفرادها مختلفة عنهم حضارة وثقافة ولغة وأسلوب حياة.. فعليهم مراعاة متطلبات الصوت والصورة وموجباتهما.

عادت تطلب تفسيرًا لما دأبت على ترديده من ضرورة إتقان الدبلوماسي التعامل مع أدوات الصوت والصورة، فأجبتها بأنَّ عليه الإعداد الجيِّد لتقديم حضارة بلده وتراثها وعقيدتها للآخرين بالصوت الهادىء الرزين مسترشدًا بحقائق موثقة من متابعته إنجازات قيادة بلده من مشاريع، ووقوفه على ما يجري في العالم من أحداث.

أمَّا الصورة، فهي ما يلتقطه الدبلوماسي بعينيه وهو يتفحَص منجزات البلاد التي يتوقَف فيها في تجواله، وفي البلد المعتمد لديه، ثمَّ ينقل إلى مرجعه ما رآه، وما يرتجى للبلاد من تنفيذ مثيله من خير وفائدة.. وأن يترك حيثما حلَّ ورحل صورة مشرِّفة لبلده شعبًا وقيادة، وهم يواصلون رفع صرح بلدهم عاليًا ومؤهلًا بالعلم والمعرفة والسيرة الحسنة تطبيبقًا للآية الكريمة: (وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).

أمهلهم قليلًا!

مَن كان قد التحق وهو في سنوات الدراسة الأُولى بفرقة من الكشَّافة، لابدَّ أنه قد أقام في مخيَّمات على مقربة من حقول وغابات، ومارس عمليَّة إشعال النار بحكِّ حجري صوان للحصول على شرارات تولع النار في عود يابس ثمَّ في كومة حطبٍ أعدَّت لطهو قدر الطعام.. أمَّا من لم يحسن نقل العود جاهلًا أو قاصدًا، فقد يتسبب في كارثة تحرق الأخضر واليابس، مصداقًا لقول الحكماء: (مُعظمُ النار من مُستَصغَر الشرر).

من المؤسف والمؤلم، ما يجري هذه الأيَّام العصيبة في العالم من عبث قوَّة كُبرى بحكِّ حجارة صوان لتوليد شرارات تشعل نيرانًا قاتلة ومدمِّرة في أماكن شتَّى، لا شأن لها ولا هدف من تحريك العود تحت قدر (طبخ البحص) إلَّا الفتن وإشعال الحروب.. ويتمثَّل ذلك بثلاثي استعماري، عُرف بالغدر وعدم الوفاء بالعهود والمواثيق، يتسلَّط على العباد ناهبًا مدَّخراتهم وثرواتهم، وملقيًا في أتون الحروب شيبهم وشبَّانهم.. وليس من العسير معرفة تلك الأيادي التي تحرَّك الأراجوز الذي يثير الذعر والخوف والقلق بين الشعوب.. لكن من مسار التاريخ، نعلم أنَّ أمثال هذا الأراجوز لا يعمِّرون طويلًا.. فمهما عتت دولة الظلم والباطل في جولتها، فللحقِّ جولةٌ، (فَأَمْهِلْهُمْ قَليلًا).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store