Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

صوفيـــــــــا

A A
معناها المرأة العاقلة الحكيمة باللغة اليونانية القديمة.. وهي اسم عاصمة بلغاريا، واسم الروبوت الآلي التي بهرتنا جميعاً، ولكن مقال اليوم عن طائرة عجيبة تستحق وقفة تأمل.. وإليكم خلفية الموضوع: طائرة البوينج التجارية من طراز الجامبو 747 غيَّرت عالم النقل.. وفَّرت خدمات النقل الآمن المنخفض التكلفة لأكثر من أربعة بلايين إنسان منذ أول طيران لها عام 1970، يعني ما يعادل نصف عدد سكان كوكبنا.. وقدمت الشركة ستة طرازات أساسية وهي 100 و200 و300 و400 و8 و»إس بي».. وكلها خدمت في أسطول الخطوط الجوية العربية السعودية بشكلٍ أو بآخر لفترة تفوق الأربعين سنة. وإحدى أغرب تلك الطرازات كانت «الإس بي «SP ، وهي مختصر لمعنى «ذات الأداء الخاص» Special Performance، لأنها كانت مصمَّمة لتطير لمسافات أبعد وارتفاعات أعلى وبتكلفة أقل من إخوتها.. وكانت أقصر طولاً بما يُعادل طول ثلاثة سيارات لاند كروزر، مما جعل شكلها غريباً، فسمّيت «البالون»، لأنها كانت جامبو «شاصيه قصير»، وكانت أخف وزناً من أثقل إخوتها بحوالى مائة ألف كيلوجرام.. وكل هذه المميزات سمحت لها بالطيران للرحلات الطويلة جداً في عقد السبعينيات الميلادية، ومنها رحلة الظهران إلى نيويورك بدون توقف.. بدأتها شركة «بان أمريكان» في 3 فبراير 1979، ثم حصلت عليها خطوطنا السعودية، وقامت بأول رحلة من جدة إلى نيويورك في يوليو 1982. وبالرغم من تميُّز أداء الطائرة، فلم تتمتع بمبيعات كثيرة.. وتحديداً باعت الشركة 45 طائرة فقط نسبةً إلى إجمالي مبيعات الجامبو الذي وصل إلى 1570 طائرة. وقد توقَّف إنتاج طائرات البوينج 747 بالكامل، ولكن هناك مجموعة كبيرة منها لا تزال تخدم، وبالذات في الشحن الجوي.. وهناك طائرة واحدة من طراز «اس بي»، تتميَّز بأداء مهام علمية فريدة.. في عام 1998 أبرمت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» اتفاقية مع وكالة الفضاء الألمانية، لتصميم وتشغيل المرصد الفضائي الطائر، وأطلق عليه اسم «صوفيا»، ويرمز إلى «المرصد الفلكي باستخدام الأشعة تحت الحمراء» Stratospheric Observatory For Infrared Astronomy، وهو عبارة عن منصة مرنة ثابتة لتتبع العديد من الظواهر الفلكية. وتتلخص منظومة المنصة في وضع تليسكوب هائل ومعدات رصد دقيقة، وزنها حوالى سبعة عشر ألف كيلوجرام في الجزء الخلفي من الطائرة الجامبو «إس بي».. وهي عبارة عن أعجوبة هندسية، لأن التلسكوب مركز في منطقة تفتح بعد وصول الطائرة للارتفاعات الشاهقة التي تصل إلى 41 ألف قدم.. ويتم فتح نافذة ضخمة تفوق مساحة واجهة مطعم الطازج في شارع التحلية بجدة.. وهي فريدة لأنها منطقة غير مكيّفة الضغط، والسبب هو الحاجة إلى دقة الاستشعار للظواهر الفلكية المختلفة.. فضلاً، لاحظ أن «صوفيا» تتفوَّق على المراصد الفلكية الثابتة لأنها مرنة. تستطيع الجامبو التحرك بإرادة الله إلى المناطق المناسبة لرصد الظواهر المختلفة.. وتتفوَّق على التلسكوبات الفضائية، لأنها أكثر مرونة، وأقل تكلفة، كما يمكن تحديثها لمكوناتها بسهولة نسبية.

* أمنيــــــــة:

منذ بدء عملياتها في 26 مايو 2010، حققت «صوفيا» مئات الإنجازات الفلكية المتميزة؛ من خلال مهامها المستمرة بدون كللٍ أو ملل، بمعدل حوالى ثلاث رحلات أسبوعياً، وكل رحلة بمعدل عشر ساعات أو أكثر. والمتوقع أن تُحال إلى التقاعد بنهاية هذا العام بسبب تقادم معداتها، وانتهاء ميزانية تشغيلها. أتمنى أن يتم إرسال علماء وطلاب سعوديين للقيام برحلة على رحلات «صوفيا» قبل توقُّف هذا البرنامج العلمي المتميز بتوفيق الله، وهو من وراء القصد.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store