Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

المستقبل (غير)

A A
ونحن نعيش أيَّام عيد الأضحى المبارك، تتردَّد على ألسنة كثيرين وهم في ريبٍ من أمر واقعنا، مقولة لشاعر العرب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي الشهير بالمتنبي:

عيد بأية حال عدت ياعيد

بما مضى أم بأمر فيك تجديد!

أما من يشكو واقع مأساته في غربة

ومتاه، فيجد في البيت الذي يليه مواساة:

أما الأحبة فالبيداء دونهم

فليت دونكَ بيدا دونها بيد

وهذان البيتان أكثر من يرددهما من بني قومنا الفلسطينيون خاصة، وهم يعانون من ظلم ولاة أمورهم؛ ذوي القربى، ومن بطش المحتل الصهيوني الذي استولى- بدعم من (الإمبراطورية) التي كانت لا تغيب الشمس عن ممتلكاته- على بلدهم التي كانت وما تزال عقدة الوصل بين عرب مشرقنا ومغربنا، وبين قارَّات العالم الكبرى آسيا وأفريقيا وأوروبا.. لم يشفع لنا ما قدَمناه للحضارة على مر القرون، وما أنجبته أرضنا من الأنبياء والرسل.. ولا موقعها المميز واحتضانها كنيسة القيامة والمسجد الأقصى، وتوفير الأمن والأمان لأهلها الذين غرس أسلافهم في تربتها المباركة أشجار الزيتون والتين والبرتقال، فأينعت وأثمرت موفِّرة العيش الكريم، والأمن الغذائي لمن غرسها وأنبتها، ولمن أقام فوق ترابها.

ولأنَّ شهيَّة الإجرام عند أحفاد (الإمبراطوريَّة) التي زالت، لم تنته، فتوارثها غيرهم الذين اتَّجهوا بجبروتهم إلى بلاد الشام والرافدين، وشعارهم (فرِّق تَسد).. ومبدأهم نشر (الفوضى الهدَّامة) وإدارة الأزمات، وتمويل عصابات مسلَّحة، ومنها بتوجيهات (مرشد الثورة الإيرانيَّة) في طهران، وربيبه في بيروت حسن نصر اللَّه للقضاء على أهل السنّة والجماعة، وإقامة هلال شيعي صفوي يحيط ببلد الحرمين الشريفين.

وبفضل من الله، فبلدنا مع تعدُّد القوميَّات والمعتقدات فيها، ينعم مواطنوها بعيش مشترك منذ أن أقام الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -طيَّب الله ثراه- المملكة العربية السعودية عام 1932 على قواعد متينة، أساسها العقيدة السمحاء والأخوة الصادقة، وقَبول الفكر الآخر، والنأي بالنفس عن التدخل في صراع الآخرين، وفي خصوصياتهم، وذلك على مبدأ: (أهل مكة أدرى بشعابها)، وتبني كل ما فيه خير البلاد والعباد في عالمينا العربي والإسلامي وما حوله من أمم وشعوب كان لهم جميعهم إسهام في حضارة الإنسان وحفظ كرامته.. وفي هذا، يتباين سلوك مجتمعنا العربي السعودي وسلوك غيرهم من خلف البحار إلى التهلكة بدعم من الصهيونية العالمية التي تعمل دون كلل أو ملل لتنفيذ كل ما ورد في بروتوكلات بني صهيوني التي تدَّعي أن (اليهود هم شعب الله المختار) مع أنهم قتلة الأنبياء والرسل، وعاثوا في الأرض فسادًا.

هؤلاء، قد يتحكَّمون بالمصير الآن.. لكن كما تتبدَّى بشائر الواقع، فالمستقبل كما نعبِّر عنه (غير)!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store