Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

المملكة تحفظ مكتسباتها.. وتصون مصالح أمتها

A A
عادت المملكة العربية السعودية لتتصدَّر واجهة المشهد السياسي؛ إبَّان زيارة الرئيس الأميركي «جو بايدن» الأخيرة؛ التي شغلت وسائل الإعلام العالمية، التي تسابقت على تغطية فعالياتها، بسبب الأهمية الكبيرة التي اكتسبتها، عطفاً على الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم أجمع، ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص.

الزيارة كشفت بوضوح أن المملكة هي كبيرة العرب، وقائدة الدول الإسلامية، وأنها رقم صعب لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال تجاوزه، لا سيما عند صياغة أي قرار مرتبط بقضايا المنطقة، وأنها باتت بحق مطبخ القرار العالمي.

ومما أكسب الزيارة ذلك الزخم الكبير، أنها تزامنت مع القمة الخليجية التي عُقِدَت بالرياض، وسبق للقمة الماضية التي عقدها الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب»، والتي تزامنت أيضاً مع قمة خليجية، أن حقَّقت مكاسب كبيرة مماثلة.

هذا التوافق الخليجي هو كلمة السر في استمرار النهضة والتنمية والاستقرار السياسي في تلك الدول التي تعيش وسط محيط مضطرب، لكن الوحدة التي تجمع بين حكوماتها وشعوبها؛ هي التي عصمتها من الفتن والقلاقل.

كذلك كانت مشاركة قادة مصر والأردن والعراق عاملاً أساسياً في نجاح الزيارة. ورغم أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- استبقا الاجتماع الموسع لقادة دول الخليج مع «بايدن» بلقاءين، تناولا العلاقات الثنائية بين البلدين، إلا أن الأجندة التي تناولتها الزيارة؛ أثبتت بوضوح الرؤية التي تنطلق منها المملكة في علاقاتها مع الدول العظمى، حيث تناولت القضايا التي تشغل الرأي العام العربي والإسلامي، بدءاً بقضية فلسطين المحورية، ومروراً بالعراق واليمن، وسورية والسودان، ولبنان وليبيا، مع التركيز على ضرورة الحفاظ على الحقوق العربية والإسلامية في فلسطين، وإرغام إسرائيل على وقف عدوانها على الفلسطينيين، وعلى المسجد الأقصى.

كذلك تطرَّقت القمة لكيفية التصدي للتهديد الذي يُمثِّله البرنامج الإيراني النووي المثير للجدل، وفيما يتعلق بالشأن الإيراني مجدداً، فقد أثبتت طهران أنها لا تُجيد قراءة المشهد السياسي، وحاول بعض مسؤوليها استباق القمة بالتحذير من اتخاذ قرارات ضد مصالحها، وهو ما ردَّت عليه التفاصيل اللاحقة التي أثبتت أن أرض الحرمين لا تشغل نفسها بغير الحفاظ على منافع أمتها، ومصالح شعبها، وأنها ليست مثل الذين ينصرفون وراء الكيد السياسي، والمكاسب الرخيصة، وهو ما جعل جميع دول العالم وشعوبه ينظرون إليها باحترام منقطع النظير.

هذا الاهتمام السعودي الكبير بقضايا الدول العربية والإسلامية، أكد بحق أن المملكة هي الشقيقة الكبرى التي تضع مصالح الآخرين ضمن اهتماماتها، وتنافح من أجلها، وتحرص على الوصول إلى حلول عاجلة لقضاياها.

وكما حققت الزيارة نجاحاً كبيراً في كافة الملفات التي تم تناولها، فقد كان بيان الخارجية السعودية واضحاً في التأكيد على أن الزيارة ليست موجَّهة ضد إيران، وأن الرياض لا تستهدف طهران، ولا تسعى للإضرار بها، بل إن المملكة، في ظل انطلاقها من رؤيتها الواضحة على مصالح الجميع؛ تحرص على مصالح جميع دول المنطقة بدون استثناء.

رغم هذا التأكيد، إلا أنه يبقى واضحاً للجميع أن المملكة بمثل حرصها على تحقيق السلام والأمن في المنطقة والعالم، إلا أنها مع ذلك لن تسمح لأي كائنٍ بأن يُهدِّد أمنها وسلامتها واستقرارها، وأن يدها الممدودة بالخير للآخرين؛ لن تتردد في قطع أي يد أخرى تحاول أن تمتد إليها بسوء.

هذه هي السياسة السعودية الراسخة التي رافقت هذه البلاد منذ توحيدها على يد المغفور له -بإذن الله- الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، ومفرداتها في غاية البساطة لمن ألقى السمع وهو شهيد، وهي أننا نُدرك مكانتنا الفريدة كدولة قائدة للأمتين العربية والإسلامية، ونلتزم بسياسة حسن الجوار، ولا نضمر شراً لأحد، وأن قلوبنا مفتوحة لكل من أراد الخير، وأيادينا ممدودة بيضاء من غير سوء، لكن هذا لا يعني أننا سنقف موقف المتفرج في مواجهة مَن يحيكون لنا الدسائس، وينسجون المؤامرات، ويحاولون اللهث وراء الأوهام.

لذلك، فإن على النظام الإيراني أن يُدرك جيداً أن الوقت لا زال أمامه كي ينخرط في فلك المجتمع الدولي، ويتخلى عن أوهامه في تصدير الثورة، وبث الأفكار المرفوضة، وأنه إذا كانت الفرصة متاحة أمامه اليوم لإعادة برمجة سياساته الخارجية بما يعود على شعبه خيراً، فإن هذه الفرصة قد لا تكون متاحة مرة أخرى غداً، وحينها لن ينفعه الندم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store