Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن عربي المغربي

نموذج مضيء.. محمد الزين

A A
مكة المكرمة البلد الآمن، والبيت المعمور، وقبلة الدنيا، وقصة الحب النادرة التي نعيش تفاصيلها في مهوى الأفئدة، إنه الحب الذي يجعل قلوب المؤمنين في حالة اتصال دائم مع رب العباد، ويجعل الاطمئنان يُغلِّف قلوب كل من يقصد الروحانية والسكينة والهدوء، ويرجو رحمة ربه وغفرانه، وكأنها الهدايا التي تأتي دون موعد، وتترك الأثر الجميل في ثنايا الروح، هدايا رب العالمين التي لا تنفد، وتحقق الأمنيات الكثيرة.

سأكتب عن نموذج مضيء، شاب من هذه المدينة، من مهبط الوحي ومنبع الرسالات السماوية، مشواره لم يكن مفروشاً بالورود، مثله مثل كثير من الأمثلة المضيئة على جبين هذا الوطن الحبيب، ففي تلك الحقبة والزمن الجميل، عرفت المُهذَّب الدكتور محمد إسماعيل الزين، ألَّف بيننا إخاء كبير، عرفت فيه ود الصديق وشهامة الأخ، وائتلفت حولنا دروب العلم والثقافة، تُوقِّع عليها خُطانا المخضلة بالآمال الندية؛ ونحن نمضي مع الركب، نختلي أنوار الخير، ومبادئنا الوضيئة، تجمعنا في تلك المجالس القراءة والدراسة والتمعن، ولكن محمد الزين يختلف، بحُبِّه للجميع، وتواضعه ونبوغه الذي أكرمه به المولى عز وجل، فهو ابن أسرة علم معروفة، فوالده الشيخ إسماعيل الزين، الذي يعتبر رمزاً من رموز الفقه والدعوة الإسلامية، وبعد وفاته - بعد أن قضى رحلة علمية وحياة حافلة بطلب العلم والتدريس في الحرم المكي وفي بيته العامر - فقدت مكة علماً وفقيهاً ورمزاً، واليوم بفضل الله الدكتور محمد ابن الشيخ إسماعيل الزين يحمل درجة الدكتوراة من جامعة أم القرى، ورسالته كانت عن الاستدلال بالمصالح المرسلة في القضايا المالية المعاصرة، والرسالة عبارة عن مجلدين، المجلد الأول في الناحية النظرية، وهي بيان ماهية المصالح المرسلة ومدى احتجاج العلماء بها، والمجلد الثاني في بيان أمثلة تطبيقية من القضايا المالية، والتي تستند إلى دليل المصلحة المرسلة، والدكتور محمد من خيرة شباب مكة، الذين خرجوا بشباب ناهض وخلق كريم، ونبل عواطف وتهذيب أخلاق، وروح متألقة، تنم عن تربية وطيب أصل، بل يحمل من الاعتدال والوسطية والحب للآخر ما أعجز حقيقةً عن التعبير به، حتى عندما كُنَّا نتناقش في كثيرٍ من القضايا الفكرية أو غيرها، كُنَّا نلمس حُبّه للحوار والمناقشة، وعدم إقصائه للآخر، ولن أنسى ابتسامته الوضاءة، التي يُقابل بها كل زائر، ويُشعره بالأخوَّة والمحبة.

واليوم أجد من بواعث الكتابة وفي سياق الأجواء العلمية، والتي كانت تحفل بها ديار الطهر والإيمان، نعم أجد من هذه البواعث وغيرها ما يحملني على الحديث عمَّا عرفت عنك، فأنت يا محمد الزين من النماذج المضيئة، ومن الرجال الذين يستحق مشوارهم القراءة، قصة تطول تفاصيلها، وذكرى من ماضٍ جميل، أستعيد كثيراً من ذكرياتها، وأمامي كثير من الكلمات، ما قد تُوصف هذا الرجل النبيل.. ومن حق الكتابة أن تقول: إن النفس كانت ولازالت ترتاح لك.. نعم.. يعيش في هذه الحياة أُناس يُكرِّسون حياتهم بأخلاقهم لمن حولهم، لا تملك إلا أن تُحبّه وتحترمه وتسمع له، حميد السجايا، كريم الخصال.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store