Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

السياسة الدولية والعجز في القمة..!

A A
كل دول العالم معنية بالسياسة الدولية التي يتم تداولها حسب مواثيق أبرمت بين الدول وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة الذي ولد من رحم حربين عالميتين كلاهما في النصف الأول من القرن العشرين الذي وصم بأنه القرن الأمريكي PAX AMERICANA.. وخلال النصف الثاني من القرن نفسه حصلت تطورات وتحولات غيرت العالم تحررت أغلب الدول المستعمرة من الاستعمار وتحقق غزو الفضاء وثورة المعلومات في ظل الحرب الباردة بين العملاقين روسيا والمعسكر الشرقي وأمريكا وحلف النيتو.

وخلال تلك الفترة كان الكل يحرص على دور الأمم المتحدة مركز اللقاء والحوارات الدبلوماسية.. وفي الربع الأخير من القرن ظهرت موجة الإرهاب بدءًا باختطاف الطائرات وعودة الخميني من باريس على بساط أخضر بدعم من أمريكا وما علموا بعد التخلي أن الخميني أتى لتصدير الثورة وزعزعة أمن العالم بدعم الإرهاب وإعلان حرب وهمية للقضاء على إسرائيل وتحرير فلسطين.

هكذا بدأ الوهم المبرمج تحت مظلة الوفاق الدولي والعولمة والبث الفضائي بواسطة الأقمار الصناعية بدون حدود وموجة الخصخصة التي اجتاحت العالم ليزداد الفقراء فقرًا والأغنياء غنى من خلال تخلي الدول عن بعض مرافقها المتعثرة إداريًا، وبدأ الاحتواء من قبل القطاع الخاص وارتفعت معدلات البطالة والضجر العمالي في كل مكان.. كل هذه التداعيات أدت إلى إنحلال الاتحاد السوفيتي واختفاء سياسة القطبين التي سادت العالم وحافظت على التوازان السياسي والعسكري خلال النصف الثاني من القرن العشرين واستلمت أمريكا زمام الهيمنة على السياسة الدولية ودفعت بمبادئ العولمة وسياسة القطب الواحد.

بدأت الألفية الثالثة بصدمة الحادي عشر من سبتمبر التي هزت العالم ووجهت ضربة قاسية لصناعة النقل الجوي وقلبت المعايير والأعراف الدولية رأسًا على عقب وهمشت دور المعاهدات والمنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن.. واستخدم حق الفيتو للتعطيل وليس لحماية الأمن والاستقرار الدولي وسيادة الدول كما خطط له، ومنشأ الخلل في داخل أمريكا وحلفائها الكبار، وبدأت تصدر الفوضى إلى الخارج بدون حساب للعواقب لأن حكمة القرار أصبحت لعبة الهواة وليس بأيدي الخبراء والمحنكين في السياسة الدولية وأصبحت مبادئ الديموقراطية مهددة بالتآكل من خلال لعبة الإعلام الجديد وشراء الأصوات وتزوير الانتخابات.. جاء باراك أوباما أول رئيس أمريكي أسود اللون من صفوف مدرجات هارفرد ليبشر بالتنظير الليبرالي وسيلة للحكم وتغيير التحالفات القديمة وتجريب رهانات جديدة مع الإخوان المسلمين وإيران على حساب ثوابت عميقة في منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص وانتهت بفوضى الربيع العربي التي احدثت تشريداً وقتلاً ومآسي لا حصر لها.

وبعد أوباما الأكاديمي.. جاء دونالد ترامب (التيكون) الذي ظهر من دكة الإعلام المسيس الذي يعتمد على الإثارة حتى وإن كانت بعيدة عن الواقع السياسي وآخرها دعواه دعم مؤيديه للهجوم على معقل الحكم في أمريكا البيت الأبيض والكونجرس وهو يعزف على آلة الصخب الفوضوي تشجيعًا للمتظاهرين بحجة أن الانتخابات سرقت منه ويأبى قبول الاحتكام لصناديق الاقتراع والنتائج المعلنة.

والولايات المتحدة الأمريكية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة وصياغة ميثاقها الجديد أصبحت الراعي الأول والضامن للنظام العالمي بحكم حجمها الاقتصادي والعسكري ونفوذها السياسي على مستوى العالم وتداعيات انحدار قوتها في الداخل وتشبثها بشكل انتقائي في دعم حقوق الإنسان بوسائل سياسية لا تطبقها على الداخل الأمريكي أصبحت تؤثر على السياسية الدولية بشكل سلبي، وأول الضحايا فعالية المنظمات الدولية وإضعاف القانون الدولي وتهميش المعاهدات الدولية وبنودها الحاكمة.. والعجز في القمة المقصود في هذا الطرح يشير إلى شلل الأمم المتحدة وتعطيل تمكينها بالتدخل بشكل إيجابي وفعَّال في محاربة الإرهاب وإبراز حلول لمعضلات المناطق الساخنة من العالم خاصة الدول التي تمر بحروب أهلية وأصبحت دول فاشلة.. وآخر التهديدات للسلم العالمي تنازع روسيا وأمريكا في أوكرانيا.. والصين وتايوان.. والأمم المتحدة لا حول لها ولا قوة..!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store