Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

الداخلية تجهض مؤامرات تجار السموم

A A
رغم أن مشكلة المخدرات باتت هاجساً عاماً يشغل بال العالم بأسره؛ في ظل وجود عصابات منظمة تمتلك مليشيات مسلحة أشبه بالجيوش النظامية، وإمكانات مادية هائلة تساعدهم على ترويج هذه التجارة المحرمة، إلا أن المتابع للأخبار يجد أن المملكة تكاد تواجه حرباً مكشوفة من تجار المخدرات، الذين يحاولون استهدافها وتدمير شبابها عبر الإيقاع بهم في أتون هذه الممارسة الضارة، بإصرار غريب يتجاوز مجرد الرغبة في جني الأرباح المادية، وتحقيق الأهداف الخاصة.

خلال الأسبوع الماضي تابعنا جميعاً خبراً لافتاً عن ضبط محاولة لتهريب 15 مليون حبة كبتاجون عبر ميناء جدة، ورغم احترافية المهربين الذين حاولوا إخفاء تلك السموم بطريقة ماكرة داخل إحدى الآليات بصورة يصعب اكتشافها، إلا أن يقظة رجال الأمن وعناصر وزارة الداخلية تمكنوا من كشف المخطط اللئيم، وإيقاف أفراد تلك العصابة الشيطانية الذين كانوا ينتظرون إدخال بضاعتهم المحرمة إلى الأراضي السعودية.

وبتأمل كمية الحبوب المضبوطة، يتجلى بوضوح حجم المخطّط الذي تتعرّض له المملكة من عناصر لا تريد سوى القضاء على شبابها، الذين هم أملها في مستقبل مشرق، فهذه الكمية الضخمة تكفي تماماً لتدمير أعداد هائلة من الشباب، وإنهاء مستقبلهم، وتحويلهم إلى مرضى نفسيين، ناهيك عما تتسبب فيه من تفكك الأسر والعائلات وتشريد أفرادها.

ومما يثير العجب أنه رغم قيام هيئة الزكاة والضرائب والجمارك، وبقية السلطات المختصة، بالإعلان بصورة مستمرة عن تفاصيل ضبط تلك المحاولات، ورغم الخسائر الضخمة التي يتكبدها المهربون، والعقوبات الرادعة التي يدركون أنها بانتظارهم وهي القتل قصاصاً، إلا أن أولئك الأشرار الذين يقفون وراء تلك التجارة المحرمة، يتمسكون بمواصلة محاولاتهم المحكوم عليها مسبقا بالفشل، وذلك نظير يقظة رجال الأمن، الذين يستخدمون أحدث الأجهزة التي تعينهم على إحباط تلك المحاولات، وجهودهم المتواصلة للحفاظ على شباب الأمة ومستقبلها.

وتتفاوت الأسباب وراء ذلك الإصرار العجيب، فالمملكة من أكثر الدول التي أكرمها الله باقتصاد متطور، وينعم أبناؤها بمعدلات دخل مرتفعة قد تشكل إغراء للمهربين، وتدفعهم للمغامرة، إضافة إلى اتساع حدودها المترامية، لكن مما لا شك فيه أن هناك أسباباً أخرى تضاف لذلك، وهي مساعي بعض الكارهين والحاقدين لتدمير الشباب السعودي بتلك الآفة، وهي رغبة تنطلق من أحقاد دفينة، تمتلئ بها صدور بعض من أعمى الله بصائرهم، وتحولوا إلى أعداء للإنسانية والنجاح.

الدليل على ما أقول، هو أن التحقيقات التي تجريها السلطات المختصة مع الموقوفين، تكشف أن حزب الله اللبناني يقف وراء غالبية محاولات تهريب المخدرات إلى المملكة، حيث يعتمد الحزب الإرهابي على المخدرات لتمويل أنشطته الإجرامية، وفق ما أثبتته التقارير التي أشارت إلى أن ما يتجاوز 70% من الإيرادات المالية للحزب، تأتي من تجارة السموم، فمصانعه معروفة في جنوب لبنان، ومزارعه تنتشر في منطقة القلمون الغربي، وتل كلخ، والقصير وريف حمص، ووادي بردى في سورية، وهذه المناطق خاضعة لمليشياته.

تلك المحاولات الخائبة، يقف عناصر وزارة الداخلية وبقية الأجهزة المختصة بحسم وراء إحباطها وإفشالها، بل إن جهود الوزارة لا تقتصر فقط على مراقبة المنافذ ومتابعة المهربين في الخارج، فهي بكوادرها المؤهلة والأجهزة المتطورة التي تستخدمها قادرة على استئصال هذه الآفة، ومعالجة آثارها عبر أربعة محاور رئيسة تتمثل في: مكافحة التهريب، وتوفير العلاج للمتعاطين، وتكثيف التوعية والتحذير من الآثار الضارة للمخدرات، والانضمام إلى الاتفاقيات الدولية التي تنسق جهود الدول، لمواجهة هذه التجارة الممنوعة.

هذه الإستراتيجية الواضحة أثبتت نجاحها في التصدي للعصابات المتعددة، التي تستهدف أمن بلاد الحرمين، وقدرتها على حفظ شبابها، لذلك فإن كافة المحاولات اليائسة لإغراق المملكة بالسموم باءت بالفشل، وتكسرت أمام عزيمة وبسالة رجال الأمن، الذين يقفون لأولئك الشياطين بالمرصاد، فقد أبت نفوس أولئك الأبطال إلا أن يذودوا عن حدود بلادهم، ويمنعوا عنها هذه الآفات المدمرة التي تذهب العقول، وتهلك الأجساد، وتشكل خطراً كبيراً على الصحة العامة، فاختصوا أنفسهم بهذه المهمة النبيلة، ولم يدخروا جهداً في سبيل الدفاع عن بلادهم، ووهبوا حياتهم خدمة لدينهم ومليكهم ووطنهم.

لذلك أقول بمنتهى الاطمئنان والثقة: إن هذه البلاد المباركة قد اختصها الله - من بين نعمه الكثيرة - بأبناءٍ بررة، يُضحُّون من أجل أبنائها بحياتهم، ويقدمون في سبيلها كل مرتخصٍ وغال، ويرتضون لأنفسهم مفارقة أبنائهم وديارهم، ليرابطوا على الموانئ والمنافذ، ويذودوا عن حدود بلادهم، ويلقنوا الأعداء دروساً في الوطنية والبذل والفداء. وبلاد بهذه المواصفات، لن تعرف طريق التدهور والخسران، ولن تطالها أيادي أعدائها بسوء، ولن يكون مصيرها سوى الرفعة والتقدم، وستظل بلاد الحرمين عصية على أعدائها، وأكبر من محاولاتهم اليائسة، يحميها رب البيت العتيق، ويحرسها بعينه التي لا تنام.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store