Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

الاقتصاد السعودي يدهش العالم

A A
في تأكيد جديد على نجاح رؤية المملكة 2030، وسائر الخطط والمشاريع المتعلقة بها، أعلن صندوق النقد الدولي خلال الأيام الماضية أن السعودية سجَّلت أعلى معدل نمو بين الاقتصادات المتقدمة، واقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية، بنسبة بلغت 7.6 في المائة، لأداء الناتج المحلي الإجمالي للعام الجاري 2022، وهو ما يتطابق تماماً مع تقديرات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- التي أعلنها في مارس الماضي، عندما توقَّع «أن المملكة سوف تكون الأسرع نمواً في العالم، بفضل ما تمتلكه من مُمكنات قوية».

هذا الإنجاز الفريد يؤكد من جديد بما لا يدع مجالا للشك أن رؤية 2030 بدأت تؤتي ثمارها المباركة، وأن القائمين على أمر هذه البلاد لا ينطلقون في أعمالهم من فراغ، إنما يسيرون وفق رؤية علمية واضحة تضع في حساباتها كافة الإمكانات والقدرات، وتستصحب الرغبات والاحتياجات. كما تُثبت أن الإنسان السعودي قادر -بحول الله- على التفوُّق والإجادة متى ما وجد الظروف المهيأة لذلك، وهو ما وفَّرته الرؤية التي استنهضت كافة القدرات، واستنفرت العزائم، وأطلقت العنان لبلوغ النجاح.

ورغم التحديات التي فرضتها جائحة كوفيد – 19، التي لا زال العالم يعي تداعياتها البالغة على الاقتصاد وكافة جوانب الحياة، إضافةً إلى التأثيرات السالبة للأزمة في أوكرانيا، والتي قادت إلى اضطراب عالمي في سلاسل الإمداد، ورفعت تكاليف الشحن أضعافاً مضاعفة، مما أثر على أسعار المواد الغذائية، وكثير من السلع والخدمات، إلا أن تأثير ذلك على المملكة لم يكن كبيراً كما هو الحال في كثير من الدول المتقدمة، وهو ما يشير بوضوح إلى أن قيادتنا الكريمة تضع في سياساتها وخططها تحوُّطات كافية لجميع الاحتمالات.

اللافت في الأمر أن الاقتصاد السعودي حقق تلك المكاسب؛ رغم تمسك القيادة الرشيدة بالوقوف إلى جانب المواطنين، وتقديم المزيد من حِزَم الدعم للفئات الأكثر احتياجاً، على نحو ما شاهدنا في توجيه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، بتخصيص 20 مليار ريال لهذا الغرض، وضخ المزيد من المبالغ لصالح المستفيدين من صندوق الضمان الاجتماعي، وإعادة فتح التسجيل في حساب المواطن.

لكل تلك العوامل، فإن قوة الاقتصاد السعودي ومرونته أدهشت جميع الاقتصاديين العالميين، الذين كانوا يتوقعون له معدلات نمو أقل من ذلك، عطفاً على المستجدات التي يشهدها العالم ككل، لكنه خالف تلك التوقعات، وأظهر تحسناً قوياً نتيجة لإستراتيجية تنويع مصادر الدخل، واحتواء التضخم عند 2.8 في المائة.

وتقوم إستراتيجية تنويع مصادر الدخل التي وردت في رؤية 2030 على مبادئ أساسية، في مقدمتها استنباط مصادر دخل جديدة، إضافة إلى النفط، وذلك لتجاوز المخاطر المترتبة على التقلُّب في الأسعار العالمية، كما حدث في السنوات الماضية. لذلك ركَّزت السعودية على إطلاق مشاريع إستراتيجية كبرى، وتفعيل الاستثمار في القطاعات الواعدة، وهو ما أثبت القدرة على امتصاص واحتواء الأزمات، وإيجاد المزيد من فرص التوظيف، وزيادة نسبة النمو الاقتصادي.

ولا ينبغي تجاهل الإشارة إلى أن المقومات الاقتصادية للمملكة في الوقت الراهن ظلت ثابتة، لكن الفرق يكمن في التخطيط السليم والإدارة المتميزة لعناصر الإنتاج، إضافةً إلى التشديد على كفاءة الإنفاق، وعدم تبديد الموارد، واتخاذ القرارات الجريئة في إقرار وإنشاء مشاريع جديدة غير نمطية؛ تسهم في إيجاد روافد جديدة للاقتصاد.

هذه السياسة التي بدأت نتائجها تظهر للعيان في غضون سنوات قلائل من إقرارها، لا شك سوف تكون لها نتائج مستقبلية أكثر إبهاراً، وإذا أخذنا في الاعتبار الارتفاع الكبير في أسعار النفط العالمية، يمكن القول بكل ثقة: إن السنوات القليلة المقبلة سوف تشهد نمواً أكبر، وهو ما تُؤكِّده المؤسسات العالمية المتخصصة التي عكست تلك التوقعات، في زيادة التصنيف المالي للمملكة، ومنح اقتصادها رؤى أكثر تفاؤلاً.

لذلك فإن المطلوب خلال الفترة الحالية والمقبلة، هو المزيد من الحرص على تنفيذ هذه السياسات الإصلاحية بمنتهى الصرامة، وعدم التفريط فيما تحقق من مكاسب.

دولة تُسابق قيادتها العالم أجمع؛ في الاهتمام بشعبها، وترفع عنه تكاليف المعيشة، وتُبادر إلى صرف المليارات لأجل تخفيف حدة الغلاء، وارتفاع الأسعار العالمي، ومع ذلك تتبوأ مركز الصدارة في معدلات النمو الاقتصادي، هي دولة بكل المقاييس واعدة بالمزيد من الخيرات، والسير في طريق التنمية والازدهار، وهو ما ينبغي أن نعض عليه بالنواجذ، لا سيما في ظل تزايد المتربصين وأصحاب الأجندات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store