Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

لأنها تحبه.. أو.. تعشقه!

A A
خلال حديثها المضطرب مع الإعلامية لميس الحديدي، تذكرت أحاديث نساء أُصبن بنفس الداء الذي أصيبت به شيرين عبدالوهاب، الفنانة المصرية، وصنَّفته كما صنَّفنه، حباً وعشقاً، بينما هن يعشن أتعس وأصعب حياة يمكن أن يتقبلها إنسان طبيعي، يمتلك قدراً من الإحساس بذاته، لا أتحدث هنا عن الكرامة، حتى لا ينبري المتنطِّعون بقولهم: ليس بين الزوجين كرامة!، فإن لم تكن بين الزوجين كرامة وهي أساس الحب والاحترام والعشرة بالمعروف، فما هي الكرامة من وجهة نظرهم؟!.

هذه الحالة ليست خاصة بالنساء تحديداً، لكن لأن النساء أكثر قدرة على الشكوى، بينما يلوذ الأزواج المصابون بنفس الداء بالصمت، لذلك تسمع وترى العجب العجاب من قصص النساء المعذبات تحت جنح الحب أو العشق!.

كثر هم الأزواج الذين تتفنن زوجاتهم في التنكيل بهم، وربما بآبائهم وأمهاتهم، لكن الزوج ساكن صامت خشية أن تغادر الزوجة بيت الزوجية، فهو يُوهم نفسه أنه لا يستطيع العيش بدونها، مما يُحوِّلها إلى امرأة متسلِّطة عليه وعلى ماله، وكل ما حوله.

الحب والعشق مشاعر سامية، تضفي على العلاقة الزوجية الوهج، وتُمكِّن الزوجين من الصبر وتقبل النزق والاختلاف في شخصية بعضهما، أما الحب والعشق إذا تحوَّلا إلى شكلٍ من أشكال التعذيب والاضطهاد، أو التنكيل والابتزاز، فهو ليس حباً ولا عشقاً، ربما هو «حب من طرف واحد»، وقديماً قالوا: «حب اللي ما يحبك يا عذاب قلبك»، لكنه في الحياة الزوجية، ليس عذاباً للقلب فقط، بل عذاب جسدي ونفسي أيضاً!.

عندما تصادف امرأة على درجة عالية من التعليم، ثم تنصت لشكواها، وكيف تتلقى ضرباً مبرحاً، ويتم إخراجها من منزل الزوجية عنوة، دون حقيبة يدها التي بها بطاقة الهوية، والبطاقات البنكية، ومحفظتها، وربما كان الوقت ليلاً وهي بدون هاتف، ألا تُدهشك عودتها إليه؟، هل تهضم قولها: إنها تُحبّه أو تعشقه؟!.

أخرى، أستاذة جامعية رافقتني في طريق طويل، ربما شَعَرت بحاجتها للفضفضة، فأخذت تحكي عن معاناتها، وعن وسائل العنف والابتزاز، وأخذ أموالها لشراء أراضي ومنازل باسم الزوج، ظننتُ أنها منفصلة، لكنها صدمتني بأنها ما زالت معه، لأنها تُحبّه أو تعشقه!.

أعادت إلى ذاكرتي كل هذه الصور، الفنانة المصرية، شيرين عبدالوهاب وهي تتحدث عن معاناتها مع زوجها، وتخبّطها في الحديث والتناقض في سلوكياتها، ثم تصدم الجميع باعترافها أنها تعيش مع من أوصلها إلى هذه الحالة المتخبطة بعد الطلاق، واتخاذهما قرار العودة!.

رغم كل السلوكيات المؤلمة والمذلة؛ التي يمكن أن تتعرض لها امرأة لا تملك من أمرها شيئاً، وهي مضطرة للصبر، لأن ليس لها دخل أو أحدا، أو أن لديها أبناء تخشى انتزاعهم، ربما تهضم ذلك، لكن بالنسبة لفنانة مشهورة فهو أمر محيِّر!، هل لأنها تُحبه أو تعشقه تعود لحياة الذل والمهانة؟، هل هذه المشاعر التي يحملها بعض البشر تجاه مَن يُؤلمهم، حد المذلة، يمكن أن تُصنّف حباً أو عشقاً؟!.

علاقة سادية تُدمِّر الحياة الزوجية بكل تأكيد، فأي كرامة يمكن أن تصمد؟، حتى لو فُقِد الإحساس بالكرامة، فإن الزوج أو الزوجة إما يُصاب بالجنون، أو الموت البطيء على المدى الطويل أو القصير، حسب القدرة على الصمود.

النزعة السادية، ترتبط في نوعها الأول بإخضاع الشخص الآخر إلى أقصى درجات الخضوع للمتسلط وهيمنته، وفي نوعها الثاني تأخذ شكلاً آخر من الهيمنة، حيث يكون الدافع ليس السيطرة، وإنما استغلال الآخر والاستحواذ عليه، واستنزافه مادياً وروحياً، وإذلاله والاستمتاع بذلك.

كيف تقبل النفس البشرية مثل هذا السلوك السادي ممَّن قبلت مشاركته الحياة الزوجية؛ مهما كان الحب والعشق؟، فإذا كان الشريك مريضاً نفسياً بالسادية، فهل يُخْضِع الحب والعشق إنساناً سوياً لسادية الآخر، أم أن الاثنين مرضى؛ بحاجة إلى علاج للتخلص من علاقة تدميرية لهما؛ ولمن معهما وحولهما؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store