Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

التحرر من الجمود.. شرط لتحقيق النهضة

A A
رغم امتلاك نجران لكافة المقومات الاقتصادية اللازمة لتحقيق نهضة اقتصادية شاملة، وتوفر الشروط الضرورية لتعزيز الحركة التجارية، والجهود التي تبذلها إمارة المنطقة لمد يد المساعدة لرجال الأعمال، إلا أن هناك حلقة لا زالت مفقودة، وهو ما يقف حائلاً دون تحقيق تلك الأهداف التي يتطلع إليها إنسان المنطقة؛ لتدشين مرحلة جديدة تسهم في تحسين نمط حياته، وترفع مستوى معيشته.

ولا يخفى على الجميع أن معظم الاشتراطات اللازمة لتدشين هذه المرحلة الجديدة متوفرة بحمد الله، من بنية تحتية على أحدث المستويات، وإمكانات مالية كافية، وقدرة شرائية مرتفعة، إضافة إلى الجهود التي يبذلها سمو أمير المنطقة صاحب السمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز؛ لتذليل كافة الصعاب التي تواجه رجال الأعمال، ومبادراته العديدة لإحداث التغيير الإيجابي المنشود، حيث يستخدم كافة علاقاته الشخصية، ويخصص وقته بالكامل لكافة ما يؤدي إلى تسهيل عمل القطاع الخاص.

وللحقيقة والإنصاف، فإن إمارة نجران لم تدخر وسعاً خلال السنين الماضية، ولم تترك باباً يؤدي إلى نهضة المنطقة إلا طرقت عليه بقوةٍ وعزم، حيث تحرص على رصد الميزانيات اللازمة لتطوير البنية التحتية، وإنشاء العديد من المشاريع والمرافق التي تزيد من جاذبية المنطقة لرجال الأعمال، كما يبذل سمو الأمير وطاقمه المساعد جهوداً ضخمة لاستقطاب المستثمرين، وتشجيعهم للانخراط في المشاريع التي تعود بالنفع على المواطن.

هذه الجهود لن يكون لها أثر حقيقي إلا إذا تجاوب معها مجتمع رجال الأعمال المحلي، وذلك عبر تبني مفاهيم اقتصادية حديثة، تستصحب التغيرات التي تشهدها بلادنا في الوقت الحالي، لا سيما ونحن نعيش في مرحلة رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحقيق نهضة اقتصادية شاملة في كافة أرجاء المملكة، والتي أقرت مفاهيم اقتصادية عصرية؛ ينبغي التجاوب معها واستصحابها في العمل العام، فإنه من المصداقية القول: إن المنطقة تحتاج إلى متخصصين اقتصاديين بمفاهيم عصرية تراعي المتغيرات، وذلك عبر عقول شابة مؤهلة، ولها ارتباط وثيق بالعمل التجاري.

فنجران تحتاج من رجال أعمالها أن يقودوا نهضتها المرجوة، وذلك باستغلال الإمكانات الهائلة التي حباها بها الله سبحانه وتعالى، فهي تزخر بالعديد من القدرات التعدينية الهائلة، التي يمكن إذا تم استغلالها أن تُحقِّق قدراً كبيراً من المكاسب والمنافع؛ التي ستنعكس على حياة الناس، وتؤدي إلى ترقية مستوى المعيشة.

كذلك، فإن نجران تمتاز بإمكانات سياحية هائلة، ينبغي تسخيرها لمصلحة المواطن، لا سيما في هذا العهد الذي تُركِّز فيه الدولة على تعزيز صناعة السياحة، لتحقيق مداخيل إضافية ترفد الخزينة العامة، بدلاً من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، وفق ما نادت به الرؤية. فالمناطق الأثرية الفريدة الموجودة في نجران لا مثيل لها على مستوى العالم، فهي تقف شاهدة على عظمة إنسان المنطقة منذ عصورٍ سحيقة، وقد عانت هذه الآثار خلال فترة ماضية من الإهمال والتجاهل، ولم تتم الاستفادة منها بالصورةِ المُثلَى. كذلك تتمتع نجران بأجواء معتدلة وغطاء نباتي فريد، ومنتزهات ومرافق متكاملة، إضافة إلى طبيعة الإنسان المضياف؛ الذي يُرحِّب بالضيوف، ويبدي استعداده الفطري لمساعدتهم، وتقديم العون لهم. كل هذا إضافة إلى القصور الطينية العظيمة، التي ترفع رأسها في شموخ، وتشرح للعالم كيف كان إنسان نجران سابقاً لغيره في مجال العمارة والإنشاءات، وكذلك الصخور العامرة بالرسومات القديمة، التي تؤكد التاريخ السحيق للمنطقة، وفي مقدمة هذه المواقع آبار حمى، التي أضيفت مؤخراً لقائمة التراث الإنساني لمنظمة اليونسكو.

وقبل كل هذه المقومات فإن نجران تمتاز بوفرة القدرات البشرية المؤهلة في كافة المجالات، بسبب انتشار التعليم فيها منذ عهدٍ بعيد، ووجود الأيدي العاملة المدربة والمؤهلة القادرة على تحقيق الإضافة الإيجابية، وتحتاج فقط لإتاحة الفرصة للكوادر المؤهلة، كي تضطلع بمهمة التغيير المنشود بالصورة التي تحقق الآمال والتطلعات.

كل هذه المزايا لن يكون لها معنى ما لم نقم بثورة مفاهيمية شاملة، نتطلع فيها لمتطلبات العصر، وننظر بطريقة مختلفة للمستقبل، وهو ما سيؤدي إلى تحقيق التنمية المنشودة التي ينتظرها مواطن نجران، الذي يستحق أن نبذل لأجله كافة الجهود، ومجتمعها الجدير بأن يجد الخدمة التي يتطلع إليها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store