Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

النقد اللاذع..!!

A A
لا يحب أحد أن يتعرض لانتقاد، لكن في الواقع لا يمكننا تجنب الانتقاد إلا إذا انعزلنا في زاوية وظللنا صامتين، وقد ينتقدنا الآخرون للأسباب نفسها التي ننتقدهم بسببها، فربما يشعرون بعدم الرضا عن أنفسهم، ومن ثم يصدرون الأحكام علينا، أو يهاجموننا بكلماتهم اللاذعة، أو ربما يكون انتقادهم من وجهة نظرهم بنية المساعدة، والإسهام في جعلنا أشخاصًا أفضل، أو أننا نتسم بـ»سمة أو صفة أو سلوك ما» يزعجهم إلى حد يجعلهم محتاجين أن يتحدثوا عن هذا الأمر، وإلا سوف يؤثر ذلك على علاقاتنا بهم، أو ربما يشعرون بأنه لا يمكن لعلاقتنا بهم أن تتطور إلى الأفضل؛ إذا لم ننظر إلى تصرفاتنا ونعتذر عنها.

غاية الصعوبة أن تجلس على كرسي الاتهام، وتكبح رغبتك في الدفاع عن نفسك، وخصوصاً عندما يكون الانتقاد مبالغ فيه، أو غير مستحق على الإطلاق، هذا تحدي كبير، ولكن يمكن لنا أن نتجاوزه متى ما أردنا المضي قدمًا في حياتنا، حيث يمكنك أن تستمع لوجهة نظر مختلفة من خلال طرح الأسئلة المناسبة، وتقديم الاعتذار عن الجزء المقنع لك، وتقدم وجهة نظرك المختلفة لأي مسألة مقترنة بالإنصات والاعتذار حتى لا تفشل العلاقة التي تود الحفاظ عليها مع الآخرين.

إذا أردت توجيه نقد لأي شخص تهتم به، لابد أن تراعي اختيار التوقيت المناسب، واختيار الكلمات المناسبة، ولا تبحث من خلال انتقادك عن تقديم الاعتذار لك، وأيضًا تذكر دائمًا بأنك لست على صواب دائماً، وضع في اعتبارك عدم خسارة هذه العلاقة لأهميتها لك، حتى لا يؤول هذا الانتقاد إلى مشكلة تكبر من خلاله، أو تكون هذه المواجهة مدمرة للعلاقة مدى الحياة، وخصوصاً في الانتقادات الأسرية أو العائلية، وثق تماماً لا يمكن لأحد أن يستمع لك بصدق إلا بعدما تستمع إلى نقده وغضبه، ويكون لديك الاستعداد للتبرير والاعتذار وتصحيح الأخطاء بعد الاعتراف بها أولاً، استمع قبل إيصال الرسالة وتحديداً مع الأبناء ومع أي علاقة تهتم بها.

الانتقاد اللاذع سلاح ذو حدين، وهو مبني على مساحات الحوار المختلفة، ويمكن للانتقاد أن يبني، ويمكن أن يهدم أي علاقة، فلابد من الحذر في استخدامه بطريقة خاطئة، حتى لا يتحول الأمر عليك تماماً، وتصبح أنت على كرسي الاتهام، ويُوجَّه إليك اللوم، وتبحث عن المبررات لتدافع عن نفسك بها.

لكل أمر حدود لا يمكن تجاوزها، ولكل منا طاقة في الحكمة والصبر والاتزان، وحسن الحديث وأدب الحوار، وهذا لا يعني التسامح مع الفظين والمتجاوزين، والتغاضي عن النقد اللاذع الذي في غير محله، أو الذي يُقصد به الإساءة والتجريح، وتركهم يظنون بأنهم على صواب، ومن ثم يتمادوا في غيهم على الآخرين، فهناك فرق كبير بين الجُرأة في الانتقاد الإيجابي البناء، وبين الوقاحة والفظاظة، وهناك طرق مفيدة للتعامل مع كلٍ منهما.

(الوقاحة، تقليد الرجل الضعيف للقوة).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store