Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

استقدام العمالة الإندونيسية!

A A
يمثل قرار فتح باب الاستقدام للعمالة المنزلية من إندونيسيا، بهجة للأسر التي اعتادت سنوات طويلة على التعامل مع تلك العمالة المهذبة، والتي تتعلم بسرعة وتتقن ما تعلمته بشكل يبهر الأسرة، تحديدا في أمور المطبخ المرهق لربة البيت السعودية، خصوصا العاملة أو كبيرة السن، أو التي لديها مشاكل صحية ولا تتحمل الوقوف الطويل أو العمل الكثير لتلبية رغبات أفراد الأسرة، وتغطية موائد الجمعات العائلية الأسبوعية، ودعوات الأصدقاء والعزائم المستمرة المشتهر بها البيت السعودي.

ربما ذلك يبرر كثرة خدمات الطعام المنزلية التي برعت فيها المرأة السعودية، وأصبحت تقدم خدمة الطعام المنزلي الفاخر لتعبئة موائد الدعوات المختلفة، حتى الوجبات اليومية للمرأة العاملة.

لكن، كل ذلك بمقابل مالي مرتفع، مما أرهق كاهل الأسر اقتصاديا، بعضها لجأ إلى شركات التأجير، وتلك قصة أخرى، أو حكايات لم تحكَ، بدءا من الأسعار المرتفعة، لتدني مستوى أداء العمالة، وقسوة الشروط التي تصب كلها في مصلحة الشركة، كذلك الاستغلال المادي للعمالة والعميل!.

نظام: «التأجير»، لا أعرف من وضعه ومن رخص به، لأنه حوَّل العمالة إلى سلعة، تُؤجَّر بمقابل مادي، وتخضع لقانون وشروط الشركة المؤجرة، التي تمنحها لمن يتحمل نفقات التأجير المبالغ فيها جدًا، والتي تعود كاملة للشركة.

تقدم تلك الشركات، عدة خيارات للعميل تبدو منطقية، رغم أن مصطلح «تأجير»، ليس منطقيا ولا إنسانيا، كالتأجير بنظام اليوم أو الأسبوع أو الشهر، وهناك تأجير لمدة عام أو عامين، كلها تخضع لرسوم عالية جداً تُدفع للشركة مقدماً، ثم يدفع راتب شهري للعمالة لكن على حساب الشركة، ثم تذهب بعدها بأيام إلى البنك لسحب المبلغ؛ بعد اقتطاع جزء كبير منه للشركة. مثلاً، الشركة تأخذ مبلغ «23 ألف ريال» عن عامين، ويدفع للعاملة راتب شهري من 2000- 2300 ريال شهري على حساب الشركة، لكن العاملة تستلم فعليا «1200» ريال فقط.

هناك شروط تبدو مريحة للعميل، لكن عند الاضطرار إليها تجد أنها لمصلحة الشركة، مثلا: هناك شرط مريح جدًا يقول: إذا هربت العاملة أو رغب العميل في استبدالها بأخرى، أو أنها رغبت في المغادرة أثناء العقد، فالشركة ملزمة بتوفير أخرى. جميل جدًا، لكن غير الجميل أن عليك الانتظار شهرين لتوفير البديل!.

طيب، هل هذه الشهرين تُعوَّض أي لا تُقتَطَع من العقد، لا، بل تحسب من العقد، وكأن العاملة لديك ولم تُغادر، أو أن البديل جاءك فورًا، أي أنك تخسر شهرين من قيمة العقد، ولأن من وضع الشروط واعٍ جدًا، لكن العميل للأسف أحيانا لا يعي -مثلي- كيد العديد من الشركات، فيفهم عبارة «خلال شهرين إذا توفر البديل» أن من حقه التعويض، لكن في العقد، بأسلوب أو طريقة ما، مذكور أنه لا يوجد تعويض.

أما إذا كان الاحتياج إلى طباخة، فالسعر مضاعف، مع أنهن ممن اكتسبن مهارة في الطبخ خلال انتقالهن من منزل لمنزل، حسب قدرتهن على التعلم والاتقان.

أكتب عن تجربة شخصية سنوات طويلة منذ اضطررنا إلى التعامل مع تلك الشركات، ووُضعنا بين نارين كما يقولون، نار الاحتياج إلى مساعدات منزليات، ونار التعاطف مع أوضاعهن والرضا والقبول بهن، مهما كان مستوى أدائهن.

يمكن العمل بالاتفاقية الجديدة التي وقعها الجانب السعودي ممثلا في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مع وزارة القوى العاملة الإندونيسية، من هذا التاريخ، الخميس 13 محرم 1444هـ، 11 أغسطس 2022م.

أتمنى أن ينهي هذا القرار استغلال شركات التأجير، لأن مشروع القرار وهذه الاتفاقية: «لتوحيد قناة استقدام العمالة المنزلية الإندونيسية، وحماية حقوق كافة أطراف العلاقة التعاقدية، وتنويع جنسيات العمالة المنزلية بما يخدم متطلبات وحاجات سوق العمل السعودي».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store