Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

حديث بين عربتي تسوّق!!

A A
في سوبر ماركت اصطفّت عربات التسوّق خلف بعضها انتظاراً للزبائن المُستهلِكين، وفي آخر الصفّ تبادلت عربتان أطراف الحديث، فسألت ذات المقبض الأزرق ذات المقبض الأخضر عن حالها، فأجابتها أنّها بخير، لكنّها تُشفِقُ على الزبائن من الغلاء، فردّت ذات المقبض الأزرق: ولِمَ ذاك؟ فقالت ذات المقبض الأخضر وهي تتنهّد: (شُوفي) يا أختي: كان الزبون الواحد يملأني قبل سنوات بما لذّ وطاب من المواد الغذائية، حتّى يَصْعُب دفعي مثل صعوبة دفْع السيّارة (المُنَتِّعَة) بعد إصابتها بالعطل، فقط بثمن (٥٠٠) ريال، ثمّ تدرّج الغلاء في التضخّم مع مرور الزمن كالطفل الذي كان يحبو فوقف ومشى وجرى وكبُرَ لينافس العدّائين في الأوليمبياد، وصار ثمن ملئي (١٠٠٠) ريال، ثمّ (١٥٠٠) ريال، ولو استمرّ الحال هكذا فسوف يصل حتماً لـ(٢٠٠٠) ريال وأكثر.

وليس هذا فقط، والكلام ما زال لذات المقبض الأخضر، إذ تحتاج العائلة الواحدة لملئي مرّتيْن في الشهر كي تكتفي غذائياً، ومعظم العائلات لا تستطيع توفير ثمن ذلك، فتحاول تدبير أمرها بما اشترته من مواد لمُدّة شهر وأسبوع وأسبوعين وثلاثة حتّى ينزل راتب مُعِيلَها، أو يأتيها رزقٌ من ظهر الغيب.

فردّت ذات المقبض الأزرق مُؤيدَةً كلام زميلتها، أنّ الكثير من الزبائن هجروا محلّات السوبر ماركت للبقالات ومحلّات بيع المواد الغذائية بالجملة ظنّاً بأنّها رخيصة فما زادتهم إلّا تتبيباً لتفنّنها في الاستغلاء، مُستغِلّةً حُسْن ظنّ الزبائن، وما علموا أنّ الجميع في سلوك الغلاء سواء، ويا قلوب الزبائن لا تحزني.

وهنا مرّت بالعربتين العربة المديرة، وهي ذات المقبض الأصفر، فسمعت حديثهما، وأمرتهما بالصمت وعدم التدخل فيما لا يعنيهما، وإلّا فالخصم من راتبيهما وارد، أو حتّى الفصل من الوظيفة، وهات يا بطالة لا خلاص منها.

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وختمت كلامها المُباح، بأنّ الأمن الغذائي لا يعني فقط توفّر الغذاء الكافي في جميع الظروف والأزمان، بل كذلك بالسعر الذي لا يُثقِلَ كاهل الزبائن المُستهلِكين ويُعجّزهم عجزاً مُبيناً، خصوصاً الكادحين، ذوي الدخل المحدود، والراتب المهدود، عسى الراتب يكون أبرك موجود.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store