Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

تبدلات المناخ وعودة جزيرة العرب مروجًا

A A
عندما كنت اقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخاص بعودة جزيرة العرب مروجًا وأنهارًا قبل أربعين سنة، حيث ورد في صحيح مسلم قوله عليه السلام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً».. كنت أتعجب مع ما في داخلي من تصديق لحديث رسول الله والإيمان به الا انني عندما أرى بأم عيني ما عليه جزيرة العرب من أجواء وما يكتنفها من عبارات تصف حالها من جفاف شديد ورطوبة نادرة وصحراء قافرة خاصة الربع الخالي الذي لم يتلق قطرة مطر واحدة ولون رماله صفراء ملتهبة من الحرارة وانه سيصبح يومًا من الأيام مروجًا وانهارًا فذلك ضرب من الخيال، وعندما اتذكر ان الله هو من بيده دورة حياة الأمطار والسحب ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته والتيقن في داخلي بأن الرسول عليه السلام لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ومع الأيام ودراسات تقنية الاستشعار عن بعد والمشاهد الواقع اليوم من أخبار تبدلات المناخ وكيف أن بعض دول أوروبا والتي كانت أمطارها يوميًا أصبحت تعاني من ندرة سقوط الأمطار ومن جفاف الأنهار مما أثر حتى على توليد الطاقة بالإضافة لتحول بقع فيها من إخضرار الى لون ترابي أصفر، وفي المقابل نشاهد سقوط أمطار غزيرة في بعض نواحي العالم ومنها المملكة في غير وقته (وقت الصيف) فكل ذلك يقود لتأكيد نبوءة رسولنا عليه السلام.

والعجيب ان نص الحديث في قوله عليه السلام «تعود» أي انها كانت كذلك في زمن غابر مروجًا وأنهارًا وستعود قبل قيام الساعة، وقد أكدت دراسات وأبحاث حديثة عبر بعثات جيولوجية لمتخصصين في علوم الفضاء وتقنية الاستشعار عن بعد ان في باطن الأرض في جزيرة العرب آثار لوجود أنهار كانت تجري بها المياه قبل خمسة آلاف سنة، وان هناك بقايا حضارات ومدنيات في مناطق متعددة هي الآن صحراء جافة، ولن نذهب بعيدًا في الاستشهاد فمدينة العلا حيث مدائن صالح دليل ناطق على حضارة قديمة تتخذ من الجبال بيوتًا فالحديث النبوي المعجزة هو أن بين يدي المستقبل حقيقة لتحول جزيرة العرب الى مروج خضراء تتخللها الأنهار وتقوم على شواطئ تلك الأنهار حياة ومناظر خلابة وأشجار وثمار وكلها متعة للحياة، وان شعورنا اليوم بما يحدث في العالم من تقلبات للمناخ يؤكد ما يمكن أن يكون عليه المستقبل من تبدلات على الأرض.

إن من مظاهر الافساد في الأرض هو تدخل الإنسان في معطيات الكون حيث تسبب في اختلال طبقة الأوزون وتسبب في حدوث الاحتباس الحراري بما ينبعث من المصانع من أبخرة ومواد كيميائية وهو بلاشك سبب من أسباب تغيرات المناخ، فتحول جزيرة العرب الى مروج وأنهار قد لا يكون وقته الآن ولا بعد مئات السنين إنما هو أمر مستقبلي سيتحقق ومحقق بإذن الله، وفي تبدلات وتغيرات المناخ المفاجئة على مستوى العالم ما يجعل لنبوءة رسولنا صلى الله عليه وسلم كمعجزة لها في القلوب قبول وحجة كونية من حجج الله على خلقه للايمان به (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) سورة ص.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store