Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

النظارة السوداء..!!

A A
هناك بعض الأشخاص في حياتنا؛ لا يعجبهم العجب مهما يحدث من حولهم، وهذا الأمر يرتبط بالسلبية بشكلٍ كبير، والتأثير السلوكي هذا يعتمد على التنشئة والتربية والبيئة المحيطة، ويلعب بها دور كبير، يُؤثِّر على مسيرة الحياة والنظرة السوداوية لكل ما فيها، وهذا يُصعِّب الحياة على الشخص أولاً، ثم على من حوله من محيطٍ وجلساء.

نظارة سوداء، هو معنى افتراضي للبعض بدون أن يضع أي نظارة في كل الأوقات، منذ أن يصبح حتى يمسي، سواء في كلماته التي يستخدمها، أو حتى في سلوكياته المختلفة، حتى يُصبح الأمر بالنسبة له جزءاً اعتيادياً؛ يقوم به دون أي جهد وعناء، بل وينثر هذه السلوكيات لكل من حوله تلقائياً، وتصبح الإيجابية بالنسبة له شيئاً مستغرباً ومستفزاً، أو حتى يمكن أن يصفها بالنفاق، وهذا كله ينعكس على الشخص نفسه بالإحباط المباشر أو غير المباشر، ولا قدر الله يصل به إلى الاكتئاب، وأبعد من ذلك لا قدر الله.

نظارة سوداء، لا يرى الجمال في أي شيء، لا يرى السعادة في كل شيء، لا يشعر بحلاوة النجاح، لا يشعر بأجواء الفرح، أو حتى في أوقات المرح، حتى ينسى أن يبتسم أو حتى يضحك. فصول السنة كلها واحدة، لا يرى جمال الربيع، ولا يرى الزهور المتفتحة، لا يستمتع بشيء، ولا يُدرك سعادة أي من حوله، لا يستمتع بأي فنون، مزاج متخبِّط، ومود متقلِّب، يعيش في زمن لا يتناسب مع عمره؛ مهما كان صغيراً أو كبيراً، يتبنى شعار الزهد وهو غير زاهد في الحياة، يتبنى الحزن والمواقف الصعبة والشدائد في كل أمر، كل الطعم له مُر، وكل شيء جميل هو له بذخ، كل أغنية مملَّة، بعيد عن التفاؤل، قريب من التشاؤم، كل الألوان قاتمة بالنسبة له، هذا بعض من كثير.

أثبتت الدراسات أنّ الإنسان يُفكِّر يومياً بـ 60000 فكرة تقريباً، بعضها أفكار إيجابية، والبعض الآخر أفكار سلبيّة تؤرّقه إذا ما دارت في خُلدِه وقتاً طويلاً، أو حلَّلها أكثر من اللازم، وحقيقةً، إنّ كلّ المشاعر السلبية التي يعاني منها البشر على اختلاف أنواعها وطبيعتها وحدّتها، تعود إلى أمرين رئيسين: إمّا خوف من المستقبل، أو حسرة على الماضي.

كيف أتخلص من النظارة السوداء؟، ذلك من خلال: التوقف عن جَلْد الذات: فتحميل النّفس مسؤوليّة أي موقف حدث بشكلٍ غير صحيح، هو تصرُّف خاطئ.

التفاؤل: إذ ينبغي عدم افتراضِ الأسوأ في كلّ موقفٍ أو علاقةٍ، وعدم رؤية الحياة بالأبيضِ والأسودِ فقط، فالتفاؤل بالخير يجلبه.

رؤية النصف الممتلئ: إنّ التركيز على الجانب الإيجابيّ في كلّ فكرةٍ أو موقفٍ، يساعدُ على إزاحة الأفكار السلبيّة إلى الجانب المعتم.

تحدّي الافكار السلبيّة: وذلك بالتوقف عندَما تعبر فكرة سلبيّة، وتقييم مدى واقعيّتها، ودقّتها.

عدم المقارنة مع الآخرين: فعندما ينظر الفرد لحياة الآخرينَ، ويبدأ بالمقارنةِ وإحصاءِ ما يملكه الآخرون ويفتقده هو، يشعر بطاقةٍ سلبيّة نحوَ حياته.

عدم تحليل المواقف: يأخذ الفرد على عاتقه تحليلَ المواقفِ، ومراقبة ردود أفعال الآخرين، وإلقاء اللومِ والأحكامِ.

الامتنان: وذلك بالعثور على الأشياء الجميلة في الحياة، وإن كانت صغيرة، والتعبير عن السعادة والامتنان لوجودها.

التقرّب من الأشخاص الإيجابيين: فقضاء الوقت مع هؤلاء الأشخاص يعطي دافعاً للإنجاز، أمّا الأشخاص السلبيون فيزيدون من مشاعرِ التوتّر والإحباط.

التحدّث الإيجابيّ مع الذات: فالإيجابيّة تأتي من داخل الشخص نفسه، لذا عليه أن يُشجِّعها ويدعمها باستمرار.

(سارع إلى تغيير النظارة السوداء، فلقد أصبحت مملاً بها).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store