Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيل بن حسن قاضي

أبناؤنا.. ومهددات الهوية!

شذرات

A A
إقبال منقطع النظير على المدارس الدولية في بلادنا؛ وعلى اللغات الأجنبية، ناجم عن اتجاه الآباء للبحث عن فرص تعليمية أفضل وفق ما يظنّون، هذا فضلاً عن انغماس المجتمع أكثر مع السينما والدراما الغربية، والمدخلات التي يتلقَّاها أطفالنا مع العولمة عبر الأجهزة الذكية والتلفاز؛ وكل وسائل التواصل بما فيها الألعاب الإلكترونية، التي تُحوِّل هوية الطفل بالتدريج.

النتيجة بكل أسف هي البُعد عن انتمائهم الإسلامي والعربي الناجم عن ضعف اللغة العربية، وقد لوحظ ذلك في حسابات بعض المراهقين الذين لا يكتبون إلَّا بالإنجليزية، ويحرصون على مشاهدة أفلام هوليوود.

هناك ما يُؤكِّد أن تعليم اللغة في مراحل الطفل الأولى (3- 8 سنوات) يُشكِّل مداركه العقلية، ويقوِّي قاعدته اللغوية، وأن الأطفال الذين تعلَّموا أكثر من لغة في سن مبكرة؛ ينالهم ضعف في اللغتين، وعندما تتداخل اللغة الثانية مع اللغة الأم، يُحدث هذا الأمرُ تشتتاً واضطراباً في هويته.

في مصر وحدها هناك 6099 مدرسة دولية ينتمي إليها أكثر من مليون ونصف، وفي المملكة بدأت المدارس العالمية بمدرسة واحدة قبل 40 عاماً، والآن يبلغ عدد تلك المدارس 1942.

فهل سلمت المدارس الحكومية من التأثير؟، بالطبع لا، ولكنه موجود بشكل أقل حدة. فضلاً عن الغزو الجديد لتطبيقات التواصل الاجتماعي، لاسيما إذا عرفنا بأن 8 ساعات هو متوسط ما يقضيه الفرد السعودي يومياً على الإنترنت، وهو يتجاوز المتوسط العالمي بكثير، وهذا الأمر في حد ذاته جدير بإجراء أبحاث عميقة لمعرفة سبب تصاعد هذا المعدل الغريب.

ومن المؤسف حقاً أن المراهقين من 15- 23 عاماً، والشباب من 24- 34 عاماً هم الفئات الغالبة على إدمان مواقع التواصل، لذا تظهر الحاجة الماسة لتفعيل الرقابة الأبوية، وتوجيه الأبناء للاستفادة من المحتوى الجيد في هذه المنصات، وإلَّا فنحن في خطر يمس هوية الأبناء.

يلزمنا الحرصُ على إيجاد المحتوى العربي الذي يتحدَّث بلغةٍ عصرية جاذبة تناسب الشباب، ويستخدم السينما وأفلام الكرتون والمنصات. وفي هذا السياق؛ فإنه لا بدَّ من الإشارة إلى ما حققته منصة الأسرة المعرفية، حيث زاد عدد متابعيها بنسبة 34%، وأصبح لهم متابعون من كافة أرجاء الوطن العربي، في السعودية، مصر، الكويت، المغرب، عمان... وغيرها، وهناك متابعة من الجاليات الإسلامية العربية في أوروبا وأمريكا.

ومجمل القول: إن الانهيار الذي نخشاه ليس السياسي أو الاقتصادي، وإنما الانهيار القيَمي والأخلاقي هو ما يُؤرِّق حياتنا.. فلنكن على حذرٍ شديد!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store