Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
علي خضران القرني

سياحة في رياض الشعر والأدب

A A
* يُعتبر الشاعر الراحل محمد صالح باخطمة -رحمه الله- من شعراء المملكة المجيدين ورغم أنه كان مقلاً في شعره المنشور إلا أنني كنت أقرأ له بين الفينة والأخرى بعض القصائد الجميلة، في بعض الصحف والمجلات، ومن قصائده الرمزية المنشورة قصيدة سداسية بعنوان (إليه.. إلى الذي أعنيه.. ولا أسميه) يصف فيها فئة من البشر استطاعت بخبثها المدسوس ونواياها الشريرة، وحقدها الدفين أن تستولي على مشاعرنا بدعوى الإخلاص والتفاني في حبنا مما جعلنا نؤمن بصدق تعاملها وحسن نواياها، بينما هي في حقيقتها مجموعة ثعالب جبلت على نهش لحوم الآخرين والنيل من أعراضهم، لكنَّها لم تلبث أن ظهرت على حقيقتها سيئة النوايا عديمة التعامل تُظهر ما لا تبطن.. يقول الشاعر في سداسيته:

يا من أتاني -ناصحاً- مثل النعامة في جهالة

يخفي معايبه وينفث سمه.. حتى الثمالة

كذّبت فيك إذ قالوا: دعيّ في ضحالة

متقلب هو كالزمان:

ويرتدي ثوب النبالة وهو الحقود.. وإن تظاهر بالمودة في خبالة ومداهن أبداً.. يغيّر جلده في كل حالة وهو اللجوج: هو العجول إلى الخصام: وكم أطاله خاصمت فيك العقل قال:

هو الكذوب ولا محالة ضيّعت فيك العمر مخدوعاً.. ولم أشك الملالة حتى ظهرت على الحقيقة.. لابساً ثوب النذالة

يا من يفتش عن عيوب الناس.. لا يدري مآله

ما كان ضرك -لو عقلت- فَكُنْتَ وَفّرت المقالة

صح لسان الشاعر الملهم -رحمه الله- فكم يعيش بيننا من هذه النماذج والأشكال فتخدعنا بحسن تعاملها ومعسول كلامها، لكنها لا تلبث أن تظهر على حقيقتها وبوجهها المخادع المزيف.

* ومن الأدباء الكبار والذي كان له دور في صقل مواهب الشباب أستاذي الأديب الراحل عبدالقدوس الأنصاري -رحمه الله-، صاحب ومنشيء مجلة المنهل، والتي كان لها الدور البارز خلال مسيرتها الطويلة المشرفة في النهضة الأدبية والصحفية والعلوم والآداب بالمملكة، وكانت منطلقاً لبروز العديد من أرباب القلم في شتى التخصصات على مستوى المملكة والعالم العربي والإسلامي، والتي توقفت أخيراً بعد مسيرة (80) عاماً أمضتها في خدمة الأدب والثقافة والعلوم، للظروف التي أحاطت بالصحف والمجلات أخيراً، ولعل في حرص وجهود وزارة الثقافة ما يعيد هذه المجلة ومثيلاتها للصدور في قادم الأيام بإذن الله.

ومن المواهب الشابة التي حظيت بتوجيه وتشجيع الأنصاري -رحمه الله- في صقل مواهبها وبروزها وذيوع صيتها، الشاعر مفرج السيد، والذي لقبه الأنصاري بشاعر الريف السعودي، لما لمس في شعره من خصائص أهلته لذلك، وبات له حضوره وإسهاماته ومشاركاته في الندوات والأمسيات الشعرية، وله إصدارات شعرية منها ديوان (البحر الأزرق) وديوان (رشة عطر) ومن إحدى قصائد ديوانه (رشة عطر) الموسومة بـ(أنا والبدر) اجتزئ منها الأبيات التالية:

أرسل البدر على الكون شعاعه

مثل قرص التبر قد خلت التماعه

أو كوجه لاح للمحبوب ليلاً

قد رمى عن وجهه الباهي قناعه

والنسيم الحلو ينساب عليلا

عاطر الأنفاس يسري في وداعه

وأنا في معزل أرنو بعيني

وبقلبي في الجمالات المشاعة

ومضى ليلي على قلبي سريعاً

ليلتي مرت سريعاً مثل ساعة

* رحم الله الأنصاري، رحمه واسعة وأسكنه فسيح جناته، فقد كان موجهاً للجيل الواعد قبل أن يكون مشجعاً، وكانت مجلته (المنهل) جامعة تخرج فيها العديد في مجالات الثقافة والعلوم والآداب، وبات يُشار إليهم بالبنان في المجالات التي تخصصوا فيها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store