Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

عودة الطلبة.. وأشياء أخرى!

A A
المدرسة، هي البيت الموازي لبيت الأسرة، لا يُمكن تصنيفها مرتبة ثانية، بأن نطلق عليها: «البيت الثاني»، فإذا كان النمو الجسدي والإدراكي يتم في المنزل، فالمدرسة هي محضن النمو العقلي والسلوكي للطفل، من الروضة والتمهيدي، لأنها مرحلة تُعلِّم الطفل النظام والانتظام، وتَُطَوِّر قدراته الإدراكية، وتُهذِّب سلوكه من خلال اللعب والترفيه، ومشاركة زملائه في الفصل، وفي ساحة المدرسة.

في المراحل الدراسية المختلفة يحصل الطالب على العلوم والمعارف، تنمو شخصيته ومهاراته، وتبرز مواهبه الإبداعية، لكن حسب مستوى المدرسة وإدارتها ومعلِّميها، كذلك تنوُّع مرافق المدرسة واستجابتها لمختلف المهارات والقدرات الإبداعية والرياضية، أو العلمية؛ هي التي تُميِّز مخرجات التعليم، وهي التي تدفع المقتدرين وغير المقتدرين، ممَّن يُهيِّئون لأبنائهم مستقبلاً زاهراً، على الرضوخ للرسوم العالية في المدارس الأهلية، بتنوُّع قدراتها وإمكاناتها.

ربما تتفوَّق كثير من مدارس التعليم الحكومي على كثير من المدارس الأهلية في المخرجات العلمية، لكن معظمها –للأسف- يفتقد إلى المبنى المدرسي المتكامل، الذي يُوفِّر للطالب مساحات خضراء، ومعامل علوم متكاملة، ومطاعم مُجهَّزة لتقديم وجبات صحية معدّة داخل المدرسة، يتناولها الطالب جالساً على مقعد، وأمام طاولة طعام مشتركة مع زملائه، مع إشراف تربوي لضبط سلوكيات الطلبة أثناء الطعام، مع أن هذا واجب الأسرة، لكن ليست كل الأسر قادرة على ضبط سلوكيات أبنائها!.

أماكن ممارسة الرياضة والمكتبة بمعناها الحقيقي لا الصوري، لتعويد الطالب على القراءة! كل تلك المرافق عبء وظيفي على كادر المدرسة، وكاهل الوزارة والدولة، لكنها أولويات ضرورية ومهمة، لردم الفجوة السحيقة بين التعليم الأهلي الجيد و»الغالي» إن صح التعبير، لأنه كذلك، مع أن ليس كل مدرسة أهلية رسومها مرتفعة هي الأفضل، أو الأمثل تعليميا، بل كما ذكرت سابقا، أن كثيرا من مدارس التعليم الحكومي ربما أفضل من تلك، لكن معظمها يفتقد إلى المرافق المختلفة التي تُنمِّي مواهب وقدرات الطالب.

كنتُ أسمع مُر الشكوى من تدنِّي مستوى النظافة، وسوء دورات المياه، وعطل وحدات التبريد، أو انعدام أماكن الترفيه، وتدنِّي مستوى المقصف، لكن أتصور أن هذا أصبح ماضياً، بعد أن أصبح الاهتمام باستقبال الطلبة من أول يوم يتم في أجواء احتفالية مفعمة بالفرح، تزيل رهبة اليوم الأول، وتُحرِّض رغبة الطالب على الحضور المبكر، ربما رافق ذلك تحسُّن في أوضاع مدارس التعليم العام بكافة أنواعه.

انتظام الطالب في المدرسة، عملية تربوية في المقام الأول، تدعم انتظامه مستقبلا في التعليم الجامعي، وفي العمل، لكن بعض الأسر لا تُدرك هذا المعنى، فتستجيب لنزق الأبناء، ورغبتهم في الغياب، ربما لأعذارٍ واهية أو كاذبة، لذلك أصبحت الأسرة مسؤولة مسؤولية كاملة عن هذا الانتظام، وأتمنى وجود قانون لحماية الطفل من إهمال الأسرة، والسماح له بعدم الانتظام، وأن تكون هناك جهة تابعة لوزارة التعليم عليها تطبيق العقوبة على الأبوين، لا على الطالب، خصوصاً إذا كان في المرحلة الابتدائية، ليصبح مواطناً منتظماً في عمله، وخلال كل التزاماته الخاصة والعامة، كذلك الانتظام في حضور الأنشطة المختلفة، كل نشاط مسجل في جدول الحصص، هو بأهمية المواد الدراسية، عندما تُدرك المدرسة بكوادرها المختلفة هذه الأهمية، تُبدع في جذب الطلبة إلى النشاط اللامنهجي، وإلى حصص الرياضة والموسيقى، وتتمكَّن من اكتشاف المواهب وتنميتها، عن طريق صقلها بالدراسة، والتوجيه إلى المحاضن المخصصة.

قضية إعادة تأهيل المدارس بما يُناسب احتياجات العصر، قضية أكبر من حلها الآن، لأنها بحاجة إلى تخطيط ودراسة، وميزانية كبيرة، لن تتوازعها الجيوب والأرصدة البنكية، في زمن حكم خادم الحرمين الملك سلمان وولي عهده الهمام صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان، لأنه عصر يقتلع الفساد، ويجتز الفاسدين، كما تجتز النباتات السامة والمتسلقة من الأرض الطيبة، لكن لابد من البدء في التفكير والتخطيط من اليوم أو من هذه الساعة، وأزعم أنه بدأ التخطيط في كواليس الوزارة، أرجو أن يكون كذلك.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store