Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

حلقة التعليم المفرغة

A A
دون شك أن أنظمة التعليم عند كل الدول تعد القاعدة الأساسية لبناء الإنسان فكرياً واجتماعياً ونفسياً وثقافياً واقتصادياً كما وأنها تعد العمود الفقري لكل عناصر التنمية كونها المغذي الأساس لكل تلك العناصر بالكوادر البشرية التي تنهض بها، ومن هذا المنطلق نجد أن الدول المتقدمة تعطي تلك الأنظمة جل اهتمامها ودعمها وتوكل لقيادتها أبرز العناصر وأمهرها وحتى الدول التي كانت تقبع في ذيل قائمة العالم نهضت وقفزت إلى مقدمتها بسبب الالتفات لنظام التعليم لديها ولسنا ببعيد عن دول ماليزيا وسنغافورة وكوريا وغيرها.

ولعلي هنا أستلهم رحلة نظام التعليم لدينا خلال أربعة عقود مضت حيث أرى القائمين عليه خلال تلك المرحلة يتسابقون في تطبيق التجارب التي لم يكتب لها النجاح، فما إن يتولى مسؤول حتى يبدأ بنقل تلك التجارب من دول أخرى دون تخطيط ودراسة لذا نجد تلك التجارب تتهافت وتنتهي بالفشل، ليس لفشل تلك التجارب نفسها بل لفشل أدوات تطبيقها من قيادات ومواد وكوادر وعدم ضبطها للتخطيط والدراسة مما ترتب عليه ضياع الكثير من المال والجهد والأهم ضياع أجيال في مسارب تلك التجارب والذين أصبحوا بعد ذلك كوادر تعمل في الميدان دون المستوى المطلوب.

والملاحظ أن قياداتنا رعاها الله لم تبخل على دعم التعليم خلال تلك العقود بل خصصت له الكثير من الدعم المالي لكن تلك الأموال كانت تهدر بلا طائل في مسارب تلك التجارب، ولعل اللافت في هذه الفترة الميمونة بإذن الله أن خطتنا الطموحة 2030 قد جعلت نظام التعليم في مقدمة اهتماماتها لكن للأسف مازالت تلك التجارب مستمرة، وليس أدل على ذلك من الزج بتجربة الفصول الثلاثة التي بدأ تطبيقها هذا العام والتي أراها غير مجدية قبل أن تبدأ، كما تبين ذلك ردود أفعال منسوبي التعليم طلاباً ومعلمين ومشرفين التي لا تثني عليها ويرونها تشتت الكثير من الخطط ولا تدعم الارتقاء بالتعليم. لكن على ما يبدو أن بعض مسؤولي التعليم قديماً وحديثاً يعتقدون أن الزج بتلك التجارب كيفما اتفق يضيف لهم عنصر المبادأة ويتناسون أن المفترض أن يبدأوا أولاً بقياس حالة القبول والرفض من قبل الكوادر العاملة بالميدان لأن تلك الكوادر هي من يقوم على أكتافها تطوير التعليم الحقيقي.. والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store