Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

وهم الفوقية الغربية.. وما سبّبه للبشرية من مآسٍ!!

A A
قال الباحث الكندي تيلور سي. نواكيس في مقال نُشر في (ناشونال بوست) في إبريل 2021 منتقدًا الفهم الرجعي المحلي لتاريخ السكان الأصليين: «إنّ الفوقية الثقافية الغربية والإمبريالية تسببتا في العديد من الكوارث في تاريخ البشرية».

وذكر نواكيس في مقالته المنشورة في 26 مارس تحت عنوان: رد على كونراد بلاك: فيما يتعلق بتاريخ السكان الأصليين لا يمكننا تجاهل الحقائق المزعجة أنّ الكثير من الكنديين تمسكوا بالاعتقاد الذي يزعم بأنّ بعض الثقافات والمجتمعات أفضل من غيرها، وبالتالي يحق لهم فرض إرادتهم على أي شخص يرونه دون المستوى.. وأفاد أنّ هذه المعتقدات أدت إلى إمبراطوريات تمتد عبر العالم، وتجارة للرقيق عبر المحيط الأطلسي، والدمار الشامل لحضارات السكان الأصليين في الأمريكيتين، وإفريقيا والكثير من آسيا.

وما قاله نواكيس حقيقة واقعة، فأصحابُ نظريات الجنس يُعلنون تفوُّق السلالات البيضاء على السلالات الملونة، ورأوا بضرورة إقامة زعامة مقدسة داخل السلالات البيضاء ذاتها، محاولين بذلك تبرير حقوق جديدة في الغزو والسيطرة والسيادة، يخصون بها طبقة معينة من السلالات البيضاء.

ومن أشهر واضعي نظريات الجنس أرنست رينان مستشرق ومفكر فرنسي، استطاع ربط الشرق بأكثر فروع المعرفة المقارنة حداثة، وهو فقه اللغة، فلقد قارن رينان بين اللغة السامية واللغات الهند أوروبية، فوجد أنَّ السامية مفككة في حين أنَّ الهند أوروبية متكاملة العضوية، ويقول بعدم المساواة بين الشعوب، ويدعو إلى السيطرة الأوروبية على الشرق، لأنَّ السامية ارتبطت في ذهنه بالتخلف والانحطاط الأخلاقي، والبيولوجي، وذلك قبل أن يصبح اليهود ساميين.

وقد ارتبط الاستشراق وأوروبا بالتقدم والفوقية، وعلى أية حال فإنَّ المخلوقات السامية عند سلفتر ساسي (مستشرق فرنسي) مخلوقات من صنع فقه اللغة الاستشراقي، وبالتالي من إنتاج مختبره الفقه لغوي، مع ما في ذلك من رمز للسيطرة الأدبية على الشرق.

ولم يكن للفترة التي مضت بين الحربين الأولى والثانية (1919–1939)، أي أثر في تحسين العلاقات بين الشعوب، وعادت النظرية الآرية لتخدم الأغراض السياسية، وعلى الأخص أغراض النازية، والفاشية، وقد تطرف رايمر في كتابه «ألمانيا الجرمانية»، فاقترح إنشاء نظام طبقي قائم على أساس نسبة «الدم الجرماني».

يقول هتلر في كتابه «كفاحي» عام 1925: «إنّ الألماني الذي حافظ على نقاوته الجنسية من الاختلاط قد أصبح سيد القارة الأمريكية، وسيظل دائمًا سيدها ما لم يَرِدْ بنفسه موارد التهلكة بأن يختلط بغيره من الدماء»، ولا تخلو أمريكا من وجود نظريات عنصرية فيها، ولا كُتَّاب متعصبين مثل ماديسون جرانت في كتابه «نهاية الجنس العظيم» عام 1916، وكلنتون ستودارد في كتابه «تراث أمريكا الجنسي» سنة 1922، ولوثروب ستودارد في كتابه «تهديد الرجل المنحط» 1922، وفي الكتاب الأخير يدعو الكاتب إلى غرس تنمية مستوى «التفوق النوردي» في عبارات كالعبارات الآتية: «إنّ نسبة الدم النوردي في كل أُمَّة لَهُوَ مقياسٌ صادق لقوتها في الحرب، ومكانتها في المدنية».

وكانت إنجلترا آنذاك تتألف من عنصر أنجلوساكسوني فقط لَأَمْكَنَ إيجادُ أساس لنقاوة هذا الجنس، فقد قيل: إن «الغزاة التيوتون قد أبادوا السكان الأصليين لإنجلترا عن آخرهم في مذبحة عامة عظيمة»، ورغم ذلك فالحقيقةُ الواقعة أن الغزاة التيوتون لم يكونوا أكثر من عنصر جديد أُضيف إلى الخليط الكبير من الأجناس التي كانت تسكن الجزائر البريطانية.

أمّا النظرية الكلتية، فهي نوع من أنواع النظرية الآرية، وهي إحدى ثمرات النزعات الوطنية المتطرفة، تطورت في فرنسا بعد الحرب السبعينية (1870)، وتؤكد أنّ الجنس الكلتي وحده هو الذي يقطن فرنسا، ويُعزى إلى هذا الجنس صفات جسدية ونفسية، تجعل منه جنسًا «متفوقًا» عن بقية الأجناس البيضاء.

هذا هو أصل ومنشأ النظرية «الآرية»، أو «النوردية» التي تُنادي بعقيدة التفوق الجنسي، وقد تولدت عن هذه النظرية عدة نظريات أُخرى ثانوية.

أمّا اليهود الذين يعتبرون أنفسهم نطفة تختلف عن باقي النطف، فمن تعاليم تلمودهم أنَّ نطفة غير اليهودي كنطفة باقي الحيوانات، وبعد هذا العرض الموجز لتاريخ النظريات الجنسية التي تم بموجبها تبرير إبادة السكان الأصليين في الأمريكيتين، والجزر البريطانية وإفريقيا والكثير من آسيا، هناك أسئلة تطرح نفسها هي:

هل الاستعمار الأوروبي للدول العربية والإسلامية، وإقامة دولة إسرائيل في فلسطين، واحتلال أمريكا لأفغانستان والعراق، وقتل المقاومين للاحتلال والاستعمار، وإنشاء بريطانيا لتنظيم الإخوان، وأمريكا لتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابية، وإشعال البلاد العربية بالصراعات الطائفية، كان تمهيدًا لإقامة دولة إسرائيل الكبرى.

وهل مخططات الغرب للقضاء على الإسلام، بإعلانهم في المجمع المسكوني عام 1962- 1965 استقبال الألفية الثالثة بلاإسلام، وهدم المناطق الأثرية في البلاد التي تعرّضت لضربات عسكرية مثل العراق وسوريا، إضافة إلى تدمير داعش لتلك الآثار، مع نشر الإلحاد والتطرّف الديني ضمن مخطط هدم الحضارة الإسلامية؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store