Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

غياب الاثنينية وصاحبها.. من البديل؟

A A
تأنيت قبل أن أشارك بكلمة رثاء مستحقة في وجيه الأدب والثقافة والمجتمع الشيخ عبدالمقصود خوجه -رحمه الله وأسكنه فيسح جناته- الذي غيبه الموت وهو في رحلة علاج خارج الوطن، وعند العودة احتشد الأهل وأعيان المجتمع لتوديعه إلى مثواه الأخير في مقبرة المعلاة بمكة المكرمة، وتقديم العزاء في داره التي شهدت نشاط الاثنينية الشهيرة على مدار ربع قرن من الزمن، استضافت عددًا من المفكرين والأدباء من داخل المملكة وخارجها ومن رموز المجتمع من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال والإدارة.. والقائمة تطول في حصر المكرمين والحضور لمنتدى الاثنينية الأشهر في مدينة جدة، وقد كانت الاثنينية بحق ليلة عرس أدبي وثقافي وتنويري.

بعد عودتي من كندا حيث كنت مندوبًا دائمًا للمملكة ودول مجلس التعاون في مجلس منظمة الطيران المدني الدولي خلال عقد ونصف من الزمن وفي مدينة مونتريال عاصمة الثقافة في كندا وعند استقراري في مدينة جدة تواصلت مع الدكتور عبدالله مناع الذي عرفته عن بعد عندما كان رئيس تحرير مجلة إقرأ ودعاني لحضور الاثنينية قلت لا أعرف صاحبها ولا أحد من روادها وأصر على مرافقته.. وعند دخول الصالون الجميل عرفني على صاحب الاثنينية الذي رحب بحرارة وبعد تلك الليلة لم أفوت الحضور إلا لغيابي عن جدة.

أبهرني نوعية اختيار المتحدثين المكرمين والإدارة والتنظيم المحكم كما أن المقدمة التي يفتتح بها الحفل في كل مرة كانت قطعة أدبية فنية رفيعة المستوى لغةً وأدبًا وإلقاءً مميزًا.

كنت أتعمد الجلوس في الصف المقابل للمنصة المخصصة للضيف والمضيف وعدد من الرموز المعروفة في المجتمع منهم أصحاب المعالي د. رضا عبيد ومحمد عبده يماني -رحمه الله- ود. عبدالمحسن القحطاني رئيس النادي الأدبي بجدة.

وبدون شك فإن ثلاث ميزات اجتمعت للاثنينية وصاحبها.. شغف الثقافة وسعة الرزق وحب الضيافة، وقد توجت بالوجاهة والحضور المميز في منزل الخوجة في مدينة جدة.

عند ذهابي للعزاء في أول ليلة تذكرت تلك العظمة ومشهد خروج الضيوف من الصالة الداخلية والمرور على الجسر إلى مكان حفل الاثنينية البديع في الفضاء المفتوح.. وتساءلت بصمت هل حقًا ستختفي الاثنينية مع غياب صاحبها عبدالمقصود خوجه رجل الثقافة وصديق المثقفين الذين كان يحسن اختيار ضيوفها المكرمين بامتياز؟

وبعد العزاء خرجت وأنا أتذكر اللحظة التي دخلت فيها مع الراحل الدكتور عبدالله مناع -صاحب كتاب شموس لا تغيب- وأتمتم أهذه المرة الأخيرة أيضًا؟ إن الإرث التراكمي للاثنينية الذي خلفه عبدالمقصود خوجه جدير بأن يحفظ ويبقى في ذاكرة التاريخ لرواد الأدب والثقافة والتنوير في مدينة جدة الموعودة بتطور غير مسبوق في هذه المرحلة برعاية صاحب رؤية 2030 ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store