Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

أكلُّ هؤلاء من نسل فاطمة؟!

A A
أنجبت فاطمةُ -رضي الله عنها- بنتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابنيها (الحسنَ والحسينَ) -رضي الله عنهما- من زوجها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ومن نسل الحسن والحسين خرجت ذريةٌ طيبة، وهم الذين يُعرفون (بالأشراف)، الذين يستقر نسبهم في الرسول الأكرم، وهذه الذرية المتسلسلة؛ لها حق إكرامها وتقديرها وإعطائها حقوقها، وبالمقابل، فإن المتوجب عليها ألا تستغل شرف النسب لتحقيق المصالح الخاصة، أو التكسُّب، أو التعالي. ما أريد الوقوف عنده هو مسألة الانتساب للرسول عن طريق الانتساب -ادِّعاءً- للحسن والحسين، وهذا الانتساب ينبغي ضبطه وعدم التساهل فيه؛ من أجل الحفاظ على نقاء النسب الشريف، ومن أجل المنتسبِين (الحقيقيين) له. لا أشكك في نسب أحد ينتسب لرسول الله، وليس لديَّ الدلائل القاطعة على (النفي أو الإثبات)، لكنني تَلْفِتُ انتباهي -وغيري- هذه الأعداد الكبيرة المتزايدة المنتسبة للرسول، وهذا الأمر لا يقتصر على المملكة، بل يتخطاها لأقاصي الدول العربية والإسلامية، وهذا ما جعلني أتشوَّف لمعرفة عدد المنتسبين للنسب الشريف داخل المملكة فقط، حتى وجدتُ في موقع صحيفة (المصري اليوم) حوارًا تم عام (٢٠٠٨م) مع رئيس الرابطة العالمية للأشراف في مصر، حيث ذكر أن «أكبر تجمع لآل البيت في السعودية، ولا يزيد عددهم على مليونَي شريف»، وحين النظر لسكان المملكة، نجد أن عددهم اليوم يصل إلى (ستة وعشرين مليونًا) تقريبًا دون المقيمين، وعندما نعود لعدد سكان المدينة المنورة أيام وفاة الرسول (زمن وجود فاطمة)، نجد أنه حوالى (ثلاثين ألفًا) بحسب (ويكيبيديا).

فإذا كان عدد سكان المدينة المنورة -ومنهم فاطمة- يصل ثلاثين ألفًا؛ كونها عاصمة الإسلام، فبالإمكان أن نقول إن عدد السكان زمن فاطمة داخل الإطار الجغرافي المعروف اليوم بالمملكة العربية السعودية حوالى (مئتَي ألف نسمة) تقريبًا، بمن فيهم الثلاثون ألفًا، هم سكان المدينة وقتها، ولنفرض أن نصف المئتَي ألف -أي مئة ألف- هم من الرجال، والنصف الآخر -أي مئة ألف- هم من النساء ومن ضمنهنَّ فاطمة، وعلى هذا فلمعرفة (العدد التقريبي) للأشراف داخل المملكة اليوم، فإن أمامنا طريقتين: الأولى- نُقسِّم سكان المملكة البالغ عددهم اليوم حوالى (ستة وعشرين مليونًا)، على عدد النساء زمن فاطمة في الإطار الجغرافي المعروف اليوم بالمملكة، والبالغ عددهن كما افترضنا حوالي (مئة ألف امرأة)، فهذا يعني أن كل امرأة زمن فاطمة -بمن فيهنَّ فاطمة- جاء من نسلها اليوم حوالى (٢٦٠) مئتين وستين نفسًا، قد يزيد أو ينقص قليلاً، لكنه ليس مليونين كما يُقال عن نسل فاطمة.

الطريقة الأخيرة- لنفرض أن عدد الأشراف اليوم في المملكة كما يقال (مليونان) من ضمن عدد سكان المملكة الذي يبلغ (ستة وعشرين مليونًا)، فهذا يعني أن مليونين من الستة وعشرين مليونًا هم من نسل امرأة واحدة هي فاطمة، وبالتالي فكل امرأة في زمن فاطمة أنجبت مثل فاطمة تقريبًا -أي مليونين- وهذا يعني أن عدد النساء زمن فاطمة في الإطار الجغرافي للمملكة اليوم كان (١٣ امرأة) فقط، أنجبن ستة وعشرين مليونًا، وهذا لا يُعقل، ولو افترضنا أن عدد الأشراف في المملكة اليوم يبلغ (خمسة آلاف) فقط من (ستة وعشرين مليونًا)، فهذا يعني أن عدد النساء زمن فاطمة في الإطار الجغرافي للمملكة اليوم كان (خمسة آلاف ومئتَي امرأة) فقط، وهذا لا يُعقل، ولو افترضنا أن عدد الأشراف في المملكة اليوم يبلغ (ألفًا) فقط من (ستة وعشرين مليونًا)، فهذا يعني أن عدد النساء زمن فاطمة في الإطار الجغرافي للمملكة اليوم كان (ستة وعشرين ألف امرأة)، وهذا أيضًا لا يُعقل، ولكنه أقرب قليلاً للصواب، وعلى هذا فبقدر زيادة عدد الأشراف اليوم، يحصل النقص في عدد النساء زمن فاطمة، والعكس صحيح، وعليكم المقارنة والحساب وتحكيم العقل والمنطق.

عمومًا هذه المقاربات؛ محاولات، هدفها: تنقية النسب الشريف من المدَّعين الذين اعتسف بعضهم النسب اعتسافًا، وبعضهم ربما اشتراه من بعض المشجِّرِين المتربصِين بالطامعِين في النسب الشريف، ولهؤلاء وهؤلاء أن يتدبروا قوله سبحانه وتعالى: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم: «يا فاطمة بنت محمد... لا أُغني عنكِ من الله شيئًا».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store