Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

الوعي أس الأمن والاستقرار..!

A A
في أي مكان من العالم يلعب الوعي الاجتماعي دورًا أساسيًا في استتباب الأمن والاستقرار ورخاء معيشة الشعوب وعند الأزمات التي لا يخلو أي مجتمع منها يتم الحوار واستنباط الحلول المقبولة من العقول المدبرة وأهل الحل والعقد والأغلبية لمواجهة التحديات والتغلب عليها أو الحد من آثارها السلبية.

تاريخ بريطانيا العظمى إمبريالي واستعماري ورأسمالي بامتياز ترسخت تجاربها منذ القرن الثاني عشر الميلادي عندما صيغت وثيقة (المقنا كارته) التي تنظم العلاقة بين العرش وعامة الشعب ممثلة في البرلمان وممارسة الديموقراطية.

مظاهر انتقال السلطة في بريطانيا بعد موت الملكة إليزابيث الثانية التي تربعت على عرش بريطانيا العظمى سبعة عقود ومن أبرز ما تميز به عهدها القوة الناعمة التي لعبت دورًا في غاية الأهمية بداية بالأسرة المالكة والمجتمع البريطاني في الداخل والخارج والعلاقات الدولية على المسرح العالمي.. وقد مر العالم بأحداث وتقلبات وتحولات غيرت وجه الكرة الأرضية وبقيت ديموقراطية بريطانيا وحكمها الدستوري تسود ولا تعيق الحلول والتقدم والتوافق الذي يخدم المصلحة العامة.

ولي العهد الأمير تشارلز الثالث الذي تولى العرش ولد في حضن الإمبراطورية وتربى وهو يُعد لتولي مقاليد المُلك -وليس الحكم- بعد وفاة والدته الملكة وهذا الذي حصل خلال الأيام الماضية بهدوء وبدون مظاهرات وبدون صراخ وقتل وسلب -في شوارع مدن دولة تعد من أغنى دول العالم- بالإجماع من كل الدوائر والرموز الفاعلة في المجتمع البريطاني.. والدول التي لازالت تحت العرش البريطاني مثل: كندا وأستراليا ونيوزيلندا.. ودول أخرى لازالت شكليًا تحت العرش البريطاني.

ومن السذاجة الاعتقاد بأن الملكة/الملك ليس له من الأمر شيء ولا يؤثر في سياسة الدولة لأن تعيين رئيس/ رئيسة الوزراء يتم بموافقته وخطاب العرش السنوي الذي عادة يعد من رئيس الوزراء ويلقيه الملك بدون تعديل يحتوي على خطة الإنفاق ومؤشرات السياسة للدولة خلال العام القادم، كل ذلك يتم بحفاوة وتنظيم بروتوكولي لا يمكن الخروج عنه والكل يعرف موقعه من اللعبة السياسية لأن الهدف واحد.

الانتخابات تتم في مواعيد محددة والنتائج تقبل والفائز يمر بنفس الخطوات، السلام على الملك وأخذ مباركته لنتائج الانتخابات الحزبية وما يدور خلف الكواليس يبقى طي الكتمان.. الإعلام بكل وسائله ينتقد كل شيء إلا الملكة/ الملك ولكن هناك رقابة غير مكتوبة وغير معلنة تمارسها وسائل الإعلام بمسؤولية وفق تقاليد متعارف عليها.

الأزمات الكبرى التي مرت بها المملكة المتحدة مثل: خروجها من الاتحاد الأوروبي، ومحاولة انفصال اسكتلندا، وإشكالية أيرلندا الشمالية تمر من خلال مداولات علنية واستفتاءات سلمية بدون عنف مثل ما يحصل في العراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن. انتقال الحكم في بريطانيا العظمى بعد وفاة الملكة إليزبيث الثانية يجسد الممارسات الدستورية ويقف شاهدًا على التاريخ أن الأمن والاستقرار هو الأسلوب الأجدى والآمن على المدى الطويل ويبقى سؤال: بريطانيا العظمى عليها مسؤولية تاريخية بسبب الغلطة الكبرى التي ارتكبت في حق الفلسطينيين واستمرار الصراع على فلسطين فهل كان للملكة الراحلة موقف من ذلك؟ وهل من الممكن أن تكشف وثائق العرش عن ذلك بصفة أن الملكة عاصرت القضية خلال سبعة عقود.. أم أنه سيبقى طي الكتمان؟!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store