الدولة الفاشلة، من المصطلحات السياسية الحديثة التي ظهرت بعد انتهاء الحرب الباردة وما تبعها من سيطرة الأحادية القطبية على النظام الدولي، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. وقد كان من ضمن مخطط إدارة أوباما، ما سُمِّي بثورات الربيع العربي، لإسقاط أنظمة الحكم في البلاد التي اندلعت فيها، وتسليمها إمّا لإيران، وإما للإخوان، لتحويلها إلى دول فاشلة.
وتمكّن المُخطّطون من تنفيذ بعض مخططاتهم، فتحوّلت بعض الدول إلى دول فاشلة، كلبنان وسوريا والعراق واليمن وليبيا، والعناية الإلهية ثم تلاحم الشعوب مع قيادتها في السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي، ومصر والأردن وتونس والمغرب والجزائر، لم يتمكّن المخططون من تنفيذ مخططهم فيها.
وللمؤامرة دور كبير في إفشال الدولة، ولكن لا يتم تنفيذها ما لم تسهم فئة عميلة ممن ينتمون للدولة في تنفيذ المؤامرة، من حيث إخضاع بلادهم إلى تبعيتها لدول إقليمية وخارجية بتنفيذ أجنداتها في المنطقة. أمّا الدولة القوية الناجحة، فهي التي تتوفر فيها مجموعة من المقومات الأساسية التي تشكل الدولة بالشكل الصحيح، وهي: أن تكون ذات شعب يُمثِّل اللبنة الأساسية التي تقوم عليها الدولة، مع الحفاظ على هويته الوطنية ولغته وتاريخه.. وأن يكون لها وطن ذات سيادة على كامل حدوده، وتحقيق الأمن لشعبها والمقيمين على أرضها.. وأن تتمتع بكامل استقلاليتها في أنظمتها وقراراتها.. وتكوين حكومة تعتمد على الكفاءات لتقديم الخدمات المطلوبة منها لمواطنيها.. وأن تكون لديها قوة عسكرية لمواجهة أي خطر يهدد أمنها.. كما أنّ الدولة القوية لابد أن تملك اقتصادًا قويًا، يساعد في تحقيق الاكتفاء في استثمار خيرات البلاد وثرواتها، مما يشكل عامل قوة ونجاحاً للدولة.. وأن يكون لديها نظام تعليمي قوي، يواكب التطور بأنواعه.. وأن يكون لها نظام صحي قوي يوفر العناية الصحية لمواطني الدولة ومقيمها.. وأن تكون لديها منظومة تشريعية متكاملة.
ومن نعم الله علينا أنّ مملكتنا نموذج للدولة الناجحة القوية، فقد أعلن وزير المالية في 7 /9 /2022م عن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 12.2% في الربع الثاني من عام 2022م مقارنة بالربع المماثل من عام 2021م، ويعود هذا النمو الاقتصادي إلى الارتفاع الكبير الذي حققته الأنشطة النفطية والذي بلغ 22.9%، على أساس سنوي، و4.4% على أساس ربعي، كما بلغ النمو في الأنشطة غير النفطية 8.2% على أساس سنوي، و5.4% على أساس ربعي.
وأعلن صندوق النقد الدولي أنّ اقتصاد السعودية سجل نسبة نمواً بـ 7.6% هذا العام، كأعلى نسبة نمو بين اقتصاديات العالم في العام الحالي، وبلغت نسبة التضخم لشهر يوليو 2.7%، بينما بلغت في نفس الفترة في أمريكا 9.1%.
وبرزت الجهود المبذولة في تطوير القطاع الصحي، من خلال التصدي لجائحة فيروس كورونا. وقد كان لبرامج تحقيق رؤية المملكة 2030 دور محوري في مواجهة المملكة لآثار الجائحة، وتجاوز الأزمة بكل تحدياتها.. وقد حقق القطاع الصحي العديد من الإنجازات كتحسين جودة وكفاءة الخدمات الصحية، وإطلاق حزمة من التطبيقات (صحتي، موعد)، وذكرت الهيئة العامة للإحصاء لـ»اندبندنت عربية»، أنّ معدّل أعمار السعوديين زاد من عام 2016 من 74 إلى 77 سنة لعام 2020م.
أمّا من حيث التعليم بالسعودية، فهو متطور وحديث مقارنةً بالدول العربية، ويتوفر على شكلين: تعليم حكومي وتعليم خاص. وتقدر بعض الإحصاءات غير الحكومية نسبة القادرين على القراءة والكتابة 89.1% للذكور، و79.4% للإناث. في المقابل تصل نسبة الأمية إلى أقل من 5,6%.. يوفر كذلك التعليم الحكومي مدارس نظامية لتعليم الكبار ضمن مشروع محو الأمية الذي انطلق عام 1374هـ.. ولدينا حوالى 29 جامعة حكومية، و14 جامعة أهلية، والعديد من الكليات والمعاهد الخاصة، وقد دخلت 7 جامعات حكومية في التقييم العالمي، بالإضافة إلى برامج الابتعاث للدراسة في كبريات الجامعات العالمية.
أمّا عن التعليم العام فيوجد في المملكة 33,500 مدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية ورياض أطفال، ومعاهد ثانوية صناعية.. وتوفر الدولة مجانية التعليم في مراحله الأربع. مع مجانية وسائل النقل والكتب المدرسية، وصرف مكافأة للطلاب الجامعيين وللملتحقين بالمعاهد المهنية.. ولقد أجرت المملكة إصلاحات واسعة في السياسة التعليمية تتعلق بالمناهج والتقييم والتطوير المهني للمعلمين.
وتعكس منظومة التشريعات المتخصصة الجديدة؛ حرص الدولة على تحسين جودة الحياة، وتعزيز الحقوق ومكافحة الفساد في إطار منظومة الإصلاحات التي تبنتها رؤية 2030.
وممّا يميز الدولة الناجحة أنّها لا تترك مواطنيها عالقين بأية دولة في حال الأزمات، فمثلًا عندما اجتاحت كورونا العالم عام 2020، وعمّ الإغلاق؛ العالم، علق كثير من السعوديين في مختلف الدول، فتواصلت المملكة مع تلك الدول، وأمّنت لمواطنيها فنادق درجة أولى ومصروفاً يومياً نقدياً مع تأمين الوجبات الثلاث إلى أن تم نقلهم بطائرات الخطوط السعودية إلى مدنهم في المملكة، وتحمّلت الدولة كل النفقات.
وهكذا نجد أنّ الدولة القوية الناجحة تحمي مواطنيها، فأكبر نعمة أن تكون دولتك ناجحة وقوية، عليك الحفاظ عليها.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
